____________________
بما تفيضون فيه) أي تندفعون فيه من القدح في وحى الله تعالى والطعن في آياته سحرا تارة وفرية أخرى (كفى به شهيدا بيني وبينكم) يشهد لي بالصدق والبلاغ ويشهد عليكم بالكذب والجحود. ومعنى ذكر العلم والشهادة وعيد بجزاء إفاضتهم (وهو الغفور الرحيم) موعدة بالغفران والرحمة إن رجعوا عن الكفر وتابوا وآمنوا وإشعار بحلم الله عنهم مع عظم ما ارتكبوا. فإن قلت: فما معنى إسناد الفعل إليهم في قوله تعالى - فلا تملكون لي -؟ قلت: كان فيما أتاهم به النصيحة لهم والإشفاق عليهم من سوء العاقبة وإرادة الخير بهم فكأنه قال لهم: إن افتريته وأنا أريد بذلك التنصح لكم وصدكم عن عبادة الآلهة إلى عبادة الله فما تغنون عنى أيها المنصوحون إن أخذني الله بعقوبة الافتراء عليه؟ البدع بمعنى البديع كالخف بمعنى الخفيف. وقرئ بدعا بفتح الدال أي ذا بدع، ويجوز أن يكون صفة على فعل كقولهم دين قيم ولحم زيم، كانوا يقترحون عليه الآيات ويسألونه عما لم يوح به إليه من الغيوب فقيل له (قل ما كنت بدعا من الرسل) فآتيكم بكل ما تقترحونه وأخبركم بكل ما تسألون عنه من المغيبات، فإن الرسل لم يكونوا يأتون إلا بما آتاهم الله من آياته ولا يخبرون إلا بما أوحى إليهم، ولقد أجاب موسى صلوات الله عليه عن قول فرعون - فما بال القرون الأولى - بقوله - علمها عند ربى - (وما أدرى) لأنه لا علم لي بالغيب ما يفعل الله بي وبكم فيما يستقبل من الزمان من أفعاله ويقدر لي ولكم من قضاياه (إن أتبع إلا ما يوحى إلى) وعن الحسن: وما أدرى ما يصير إليه أمري وأمركم في الدنيا، ومن الغالب منا والمغلوب. وعن الكلبي قال له أصحابه وقد ضجروا من أذى المشركين: حتى منى نكون على هذا؟ فقال: ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم، أأترك بمكة أم أومر بالخروج إلى أرض قد رفعت لي ورأيتها: يعنى في منامه ذات نخيل وشجر. وعن ابن عباس: ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة وقال: هي منسوخة بقوله - ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر - ويجوز أن يكون نفيا للدراية المفصلة.
وقرئ ما يفعل بفتح الياء: أي يفعل الله عز وجل. فإن قلت: إن يفعل مثبت غير منفى فكان وجه الكلام ما يفعل
وقرئ ما يفعل بفتح الياء: أي يفعل الله عز وجل. فإن قلت: إن يفعل مثبت غير منفى فكان وجه الكلام ما يفعل