____________________
فذكر العذاب معلقا به الصب مستعارا له ليكون أهول وأهيب. يقال (ذق إنك أنت العزيز الكريم) على سبيل الهزؤ والتهكم بمن كان يتعزز ويتكرم على قومه. وروى " أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين جبليها أعز ولا أكرم منى، فوالله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا " وقرئ أنك بمعنى لأنك. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قرأ به على المنبر (إن هذا) العذاب، أو إن هذا الأمر هو (ما كنتم به تمترون) أي تشكون، أو تتمارون وتتلاجون قرئ في مقام بالفتح وهو مرضع القيام والمراد المكان، وهو من الخاص الذي وقع مستعملا في معنى العموم وبالضم وهو موضع الإقامة. والأمين من قولك أمن الرجل أمانة فهو أمين وهو ضد الخائن، فوصف به المكان استعارة لأن المكان المخيف كأنما يخون صاحبه بما يلقى فيه من المكاره. قيل السندس مارق من الديباج. والإستبرق ما غلظ منه وهو تعريب إستبر. فإن قلت: كيف ساغ أن يقع في القرآن العربي المبين لفظ أعجمي؟ قلت: إذا عرب خرج من أن يكون عجميا، لأن معنى التعريب أن يجعل عربيا بالتصرف فيه وتغييره عن منهاجه وإجرائه على أوجه الإعراب (كذلك) الكاف مرفوعة على الأمر كذلك، أو منصوب على مثل ذلك أثبناهم (وزوجناهم) وقرأ عكرمة بحور عين على الإضافة، والمعنى: بالحور من العين لأن العين إما أن تكون حورا أو غير حور، فهؤلاء من الحور العين لا من شهلهن مثلا. وفى قراءة عبد الله بعيس عين والعيساء البيضاء تعلوها حمرة. وقرأ عبيد بن عمير: لا يذاقون فيها الموت. وقرأ عبد الله: لا يذوقون فيها طعم الموت. فإن قلت: كيف استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنة من الموت المنفى ذوقه فيها؟ قلت: أريد أن يقال لا يذوقون فيها الموت البتة، فوضع قوله إلا الموتة الأولى موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها وقرئ ووقاهم بالتشديد (فضلا من ربك) عطاء من ربك وثوابا: يعنى كل ما أعطى المتقين من نعيم الجنة والنجاة