الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤١٤
فلا يغررك تقلبهم في البلاد.
____________________
إلى قوله: إليه مصير) وختم الكتاب وقال لرسوله: لا تدفعه إليه حتى تجده صاحيا، ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة، فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول: قد وعدني الله أن يغفر لي وحذرني عقابه، فلم يبرح يرددها حتى بكى ثم نزع فأحسن النزوع وحسنت توبته، فلما بلغ عمر أمره قال: هكذا فاصنعوا، إذا رأيتم أخاكم قد زل زلة فسددوه ووقفوه وادعوا الله أن يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشياطين عليه. سجل على المجادلين في آيات الله بالكفر، والمراد الجدال بالباطل من الطعن فيها والقصد إلى إدحاض الحق وإطفاء نور الله، وقد دل على ذلك في قوله - وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق - فأما الجدال فيها لإيضاح ملتبسها وحل مشكلها ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها ورد أهل الزيغ بها وعنها فأعظم جهاد في سبيل الله، وقوله صلى الله عليه وسلم (إن جدالا في القرآن كفر) وإيراده منكرا وإن لم يقل إن الجدال تمييز منه بين جدال وجدال. فإن قلت: من أين تسبب لقوله (فلا يغررك) ما قبله؟ قلت: من حيث إنهم لما كانوا مشهودا عليهم من قبل الله بالكفر، والكافر لا أحد أشقى منه عند الله وجب على من تحقق ذلك أن لا ترجح أحوالهم في عينه ولا يغره إقبالهم في دنياهم وتقلبهم في البلاد بالتجارة النافقة والمكاسب المربحة، وكانت قريش كذلك يتقلبون في بلاد الشأم واليمن ولهم الأموال يتجرون
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»