الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٢٢٨
ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون * فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون سورة لقمان مكية، وهي أربع وثلاثون آية بسم الله الرحمن الرحيم
____________________
إزالته (ولقد) وصفنا لهم كل صفة كأنها مثل في غرابتها وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن كصفة المبعوثين يوم القيامة وقصتهم وما يقولون وما يقال لهم وما لا ينفع من اعتذارهم ولا يسمع من استعتابهم ولكنهم لقسوة قلوبهم ومج أسماعهم حديث الآخرة إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا جئتنا بزور وباطل. ثم قال: مثل ذلك الطبع يطبع الله على قلوب الجهلة، ومعنى طبع الله: منع الألطاف التي تنشرح لها الصدور حتى تقبل الحق، وإنما يمنعها من علم أنها لا تجدى عليه ولا تغنى عنه كما يمنع الواعظ الموعظة من يتبين له أن الموعظة تلغو ولا تنجع فيه، فوقع ذلك كناية عن قسوة قلوبهم وركوب الصدأ والرين إياها، فكأنه قال: كذلك تقسوا وتصدأ قلوب الجهلة حتى يسموا المحقين مبطلين وهم أعرف خلق الله في تلك الصفة (فاصبر) على عداوتهم (إن وعد الله) بنصرتك وإظهار دينك على الدين كله (حق) لابد من إنجازه والوفاء به. ولا يحملنك على الخفة والقلق جزعا مما يقولون ويفعلون، فإنهم قوم شاكون ضالون لا يستبدع منهم ذلك. وقرئ بتخفيف النون، وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب ولا يستحقنك: أي لا يفتننك فيملكوك ويكونوا أحق بك من المؤمنين. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الروم كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله بين السماء والأرض وأدرك ما ضيع في يومه وليلته ".
سورة لقمان مكية، وهي أربع وثلاثون آية، وقيل ثلاث وثلاثون (بسم الله الرحمن الرحيم)
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»