____________________
" ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة، ثم تلا قوله تعالى - وكان حقا علينا نصر المؤمنين - " (فيبسطه) متصلا تارة (ويجعله كسفا) أي قطعا تارة (فترى الودق يخرج من خلاله) في التارتين جميعا، والمراد بالسماء سمت السماء وشقها كقوله تعالى - وفرعها في السماء - وبإصابة العباد إصابة بلادهم وأراضيهم (من قبله) من باب التكرير والتوكيد كقوله تعالى - فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها - ومعنى التوكيد فيه الدلالة على أنه عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد فاستحكم بأسهم وتمادى إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك. قرئ أثر وآثار على الوحدة والجمع، وقرأ أبو حياة وغيره كيف تحيى أي الرحمة (إن ذلك) يعني إن ذلك القادر الذي يحيى الأرض بعد موتها هو الذي يحيى الناس بعد موتهم (وهو على كل شئ) من المقدورات قادر، وهذا من جملة المقدورات بدليل الانشاء (فرأوه) فرأوا أثر رحمة الله لان رحمة الله هي الغيث وأثرها النبات، ومن قرأ بالجمع رجع الضمير إلى معناه، لان معنى آثار الرحمة النبات واسم النبات يقع على القليل والكثير لأنه مصدر سمى به ما ينبت. ولئن هي اللام الموطئة للقسم دخلت على حرف الشرط، و (لظلوا) جواب القسم سد مسد الجوابين أعني جواب القسم وجواب الشرط، ومعناه ليظلن. ذمهم الله تعالى بأنه إذا حبس عنهم القطر قنطوا من رحمته، وضربوا أذقانهم على صدورهم مبلسين، فإذا أصابهم برحمته ورزقهم المطر استبشروا وابتهجوا، فإذا أرسل ريحا فضرب زروعهم بالصفار ضجوا وكفروا بنعمة الله، فهم في جميع هذه الأحوال على الصفة المذمومة كان عليهم أن يتوكلوا على الله وفضله فقنطوا، وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها فلم يزيدوا على الفرح والاستبشار، وأن يصبروا على بلائه فكفروا، والريح التي اصفر لها النبات يجوز أن تكون حرورا وحر جفا فكلتاهما مما يصوح لها النبات ويصبح هشيما. وقال مصفرا لان تلك صفرة حادثة. وقيل فرأوا السحاب مصفرا لأنه إذا كان كذلك لم يمطر. قرئ بفتح الضاد وضمها وهما لغتان، والضم أقوى في القراءة، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضعف فأقرأني من ضعف، وقوله (خلقكم من ضعف) كقوله - خلق الانسان من عجل - يعني أن أساس أمركم، وما عليه جبلتكم وبنيتكم الضعف - وخلق الانسان ضعيفا - أي ابتدأناكم في أول الأمر ضعافا، وذلك حال الطفولة والنشئ حتى بلغتم وقت الاحتلام