____________________
الفاعل بين أن يفعله وأن لا يفعله، والإعادة من قبيل الواجب الذي لابد له من فعله لأنها الجزاء الأعمال وجزاؤها واجب، والافعال إما محال والمحال ممتنع أصلا خارج عن المقدور، وإما ما يصرف الحكيم عن فعله صارف وهو القبيح، وهو رديف المحال لان الصارف يمنع وجود الفعل كما تمنعه الإحالة، وإما تفضل والتفضل حالة بين بين للفاعل أن يفعله وأن لا يفعله، وإما واجب لابد من فعله ولا سبيل إلى الاخلال به، فكان الواجب أبعد الافعال من الامتناع وأقربها من الحصول، فلما كانت الإعادة من قبيل الواجب كانت أبعد الافعال من الامتناع، وإذا كانت أبعدها من الامتناع كانت أدخلها في التأتي والتسهل فكانت أهون منها، وإذا كانت أهون منها كانت أهون من الانشاء (وله المثل الاعلى) أي الوصف الاعلى الذي ليس لغيره مثله قد عرف به. ووصف في السماوات والأرض على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل، وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شئ من إنشاء وأعادة وغيرهما من المقدورات ويدل عليه قوله تعالى (وهو العزيز الحكيم) أي القاهر لكل مقدور، الحكيم الذي يجري كل فعل على قضايا حكمته وعلمه. عن مجاهد: المثل الاعلى قول لا إله إلا الله، ومعناه وله الوصف الاعلى الذي هو الوصف بالوحدانية ويعضده قوله تعالى - ضرب لكم مثلا من أنفسكم - وقال الزجاج: وله المثل الاعلى في السماوات والأرض: أي قوله تعالى - وهو أهون عليه - قد ضربه لكم مثلا فيما يصعب ويسهل، يريد التفسير الأول. فإن قلت: أي فرق بين من الأولى والثانية والثالثة في قوله تعالى - من أنفسكم، مما ملكت أيمانكم من شركاء - قلت: الأولى للابتداء كأنه قال أخذ مثلا وانتزعه من أقرب شئ منكم وهي أنفسكم ولم يبعد. والثانية للتبعيض والثالثة مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي ومعناه: هل ترضون لأنفسكم وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد أن يشارككم بعضهم (فيما رزقناكم) من الأموال وغيرها تكونون أنتم وهم فيه على السواء من غير تفضلة بين حر وعبد. تهابون أن تستبدوا بتصرف دونهم وأن تفتاتوا بتدبير عليهم كما يهاب بعضكم بعضا من الأحرار، فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف ترضون لرب الأرباب ومالك الأحرار والعبيد أن تجعلوا بعض عبيده له شركاء (كذلك) أي مثل هذا التفصيل (نفصل الآيات) أي نبينها لان التمثيل مما يكشف المعاني ويوضحها