____________________
غلام حدث، فقال: سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرا أم أنثى؟ فسألوه فأفحم، فقال أبو حنيفة: كانت أنثى فقيل له من أين عرفت؟ قال: من كتاب الله وهو قوله - قالت نملة - ولو كانت ذكرا لقال: قال نملة، وذلك أن النملة مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والأنثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر وحمامة أنثى وهو وهى. وقرئ مسكنكم ولا يحطمنكم بتخفيف النون. وقرئ لا يحطمنكم بفتح الحاء وكسرها وأصله يحتطمنكم.
ولما جعلها قائلة والنمل مقولا لهم كما يكون في أولى العقل أجرى خطابهم مجرى خطابهم. فإن قلت: لا يحطمنكم ما هو؟ قلت: يحتمل أن يكون جوابا للأمر وأن يكون نهيا بدلا من الأمر والذي جوز أن يكون بدلا منه أنه في معنى لا تكونوا حيث أنتم فيحطمكم على طريقة لا أريتك ههنا، أراد لا يحطمنكم جنود سليمان فجاء بما هو أبلغ، ونحوه: عجبت من نفسي ومن إشفاقها. ومعنى تبسم ضاحكا: تبسم شارعا في الضحك وآخذا فيه، يعنى أنه قد تجاوز حد التبسم إلى الضحك، وكذلك ضحك الأنبياء عليهم السلام. وأما ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه فالغرض المبالغة في وصف ما وجد منه من الضحك النبوي، وإلا فبدو النواجذ على الحقيقة إنما يكون عند الاستغراب. وقرأ ابن السميفع ضحكا. فإن قلت: ما أضحكه من قولها؟
قلت: شيئان: إعجابه بما دل من قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده وشفقتهم وعلى شهرة حاله وحالهم في باب التقوى وذلك قولها وهم لا يشعرون: تعنى أنهم لو شعروا لم يفعلوا، وسروره بما آتاه الله مما لم يؤت أحدا من إدراكه بسمعه ما همس به بعض الحكل الذي هو مثل في الصغر والقلة ومن إحاطته بمعناه، ولذلك اشتمل دعاؤه على استيزاع الله شكر ما أنعم به عليه من ذلك وعلى استيفائه لزيادة العمل الصالح والتقوى. وحقيقة أوزعني:
اجعلني أزع شكر نعمتك عندي وأكفه وأرتبطه لا ينفلت عنى حتى لا أنفك شاكرا لك. وإنما أدرج ذكر والديه لأن النعمة على الولد نعمة على الوالدين، خصوصا النعمة الراجعة إلى الدين فإنه إذا كان تقيا نفعهما بدعائه وشفاعته وبدعاء المؤمنين لهما كلما دعوا له وقالوا رضى الله عنك وعن والديك. وروى أن النملة أحست بصوت الجنود ولا تعلم أنهم في الهواء، فأمر سليمان الريح فوقفت لئلا يذعرن حتى دخلن مساكنهن ثم دعا بالدعوة. ومعنى (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) واجعلني من أهل الجنة. أم هي المنقطعة نظر إلى مكان الهدهد فلم يبصر فقال (مالي لا أرى) على معنى أنه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره أو غير ذلك، ثم لاح له أنه غائب فأضرب عن ذلك وأخذ يقول أهو غائب؟ كأنه يسأل عن صحة ما لاح له، ونحوه قولهم: إنها لإبل أم شاء. وذكر من قصة الهدهد أن سليمان حين تم له بناء بيت المقدس تجهز للحج بحشره، فوافى الحرم وأقام به ما شاء وكان يقرب كل يوم طول مقامه بخمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف بقرة وعشرين ألف شاة، ثم عزم على السير إلى اليمن، فخرج من مكة صباحا يؤم سهيلا، فوافى صنعاء وقت الزوال وذلك مسيرة شهر، فرأى أرضا حسناء أعجبته خضرتها، فنزل ليتغدى ويصلى فلم يجدوا الماء، وكان الهدهد قناقنه، وكان يرى الماء من تحت الأرض كما يرى الماء في الزجاجة، فيجئ الشياطين فيسلخونها كما يسلخ الإهاب ويستخرجون الماء فتفقده لذلك، وحين نزل سليمان
ولما جعلها قائلة والنمل مقولا لهم كما يكون في أولى العقل أجرى خطابهم مجرى خطابهم. فإن قلت: لا يحطمنكم ما هو؟ قلت: يحتمل أن يكون جوابا للأمر وأن يكون نهيا بدلا من الأمر والذي جوز أن يكون بدلا منه أنه في معنى لا تكونوا حيث أنتم فيحطمكم على طريقة لا أريتك ههنا، أراد لا يحطمنكم جنود سليمان فجاء بما هو أبلغ، ونحوه: عجبت من نفسي ومن إشفاقها. ومعنى تبسم ضاحكا: تبسم شارعا في الضحك وآخذا فيه، يعنى أنه قد تجاوز حد التبسم إلى الضحك، وكذلك ضحك الأنبياء عليهم السلام. وأما ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه فالغرض المبالغة في وصف ما وجد منه من الضحك النبوي، وإلا فبدو النواجذ على الحقيقة إنما يكون عند الاستغراب. وقرأ ابن السميفع ضحكا. فإن قلت: ما أضحكه من قولها؟
قلت: شيئان: إعجابه بما دل من قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده وشفقتهم وعلى شهرة حاله وحالهم في باب التقوى وذلك قولها وهم لا يشعرون: تعنى أنهم لو شعروا لم يفعلوا، وسروره بما آتاه الله مما لم يؤت أحدا من إدراكه بسمعه ما همس به بعض الحكل الذي هو مثل في الصغر والقلة ومن إحاطته بمعناه، ولذلك اشتمل دعاؤه على استيزاع الله شكر ما أنعم به عليه من ذلك وعلى استيفائه لزيادة العمل الصالح والتقوى. وحقيقة أوزعني:
اجعلني أزع شكر نعمتك عندي وأكفه وأرتبطه لا ينفلت عنى حتى لا أنفك شاكرا لك. وإنما أدرج ذكر والديه لأن النعمة على الولد نعمة على الوالدين، خصوصا النعمة الراجعة إلى الدين فإنه إذا كان تقيا نفعهما بدعائه وشفاعته وبدعاء المؤمنين لهما كلما دعوا له وقالوا رضى الله عنك وعن والديك. وروى أن النملة أحست بصوت الجنود ولا تعلم أنهم في الهواء، فأمر سليمان الريح فوقفت لئلا يذعرن حتى دخلن مساكنهن ثم دعا بالدعوة. ومعنى (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) واجعلني من أهل الجنة. أم هي المنقطعة نظر إلى مكان الهدهد فلم يبصر فقال (مالي لا أرى) على معنى أنه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره أو غير ذلك، ثم لاح له أنه غائب فأضرب عن ذلك وأخذ يقول أهو غائب؟ كأنه يسأل عن صحة ما لاح له، ونحوه قولهم: إنها لإبل أم شاء. وذكر من قصة الهدهد أن سليمان حين تم له بناء بيت المقدس تجهز للحج بحشره، فوافى الحرم وأقام به ما شاء وكان يقرب كل يوم طول مقامه بخمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف بقرة وعشرين ألف شاة، ثم عزم على السير إلى اليمن، فخرج من مكة صباحا يؤم سهيلا، فوافى صنعاء وقت الزوال وذلك مسيرة شهر، فرأى أرضا حسناء أعجبته خضرتها، فنزل ليتغدى ويصلى فلم يجدوا الماء، وكان الهدهد قناقنه، وكان يرى الماء من تحت الأرض كما يرى الماء في الزجاجة، فيجئ الشياطين فيسلخونها كما يسلخ الإهاب ويستخرجون الماء فتفقده لذلك، وحين نزل سليمان