الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٩٤
قدرنا إنها لمن الغابرين. فلما جاء آل لوط المرسلون. قال إنكم قوم منكرون. قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون. وأتيناك بالحق وإنا لصادقون. فأسر بأهلك بقطع من الليل.
____________________
فقد اختلف الحكمان لأن إلا آل لوط متعلق بأرسلنا أو بمجرمين، وإلا امرأته قد تعلق بمنجوهم، فأنى يكون استثناء من استثناء؟ وقرئ لمنجوهم بالتخفيف والتثقيل. فإن قلت: لم جاز تعليق فعل التقدير في قوله (قدرنا إنها لمن الغابرين) والتعليق من خصائص أفعال القلوب؟ قلت: لتضمن فعل التقدير معنى العلم، ولذلك فسر العلماء تقدير أعمال العباد بالعلم. فإن قلت: فلم أسند الملائكة فعل التقدير وهو لله وحده إلى أنفسهم ولم يقولوا قدر الله؟ قلت: لما لهم من القرب والاختصاص بالله الذي ليس لأحد غيرهم كما يقول خاصة الملك دبرنا كذا وأمرنا بكذا، والمدبر والآمر هو الملك لا هم، وإنما يظهرون بذلك لاختصاصهم وأنهم لا يتميزون عنهم. وقرئ قدرنا بالتخفيف (منكرون) أي تنكركم نفسي وتنفر منكم، فأخاف أن تطرقوني بشر بدليل قوله (بل جئناك بما كانوا فيه يمترون) أي ما جئناك بما تنكرنا لأجله، بل جئناك بما فيه فرحك وسرورك وتشفيك من عدوك وهو العذاب الذي كنت تتوعدهم بنزوله فيمترون فيه ويكذبونك (بالحق) باليقين من عذابهم (وإنا لصادقون) في الإخبار بنزوله بهم. وقرئ فأسر بقطع الهمزة ووصلها من أسرى وسرى. وروى صاحب الإقليد فسر من السير.
والقطع في آخر الليل قال:
افتحي الباب وانظري في النجوم * كم علينا من قطع ليل بهيم
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»