الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٤٤
بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته
____________________
ههنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما دامت عين منا تطرف، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أشيروا على أيها الناس، وهو يريد الأنصار لأنهم قالوا له حين بايعوه على العقبة:
إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمامنا نمنعك مما نمنع منه آباءنا ونساءنا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف أن لا تكون الأنصار لا ترى عليهم نصرته إلا على عدو دهمه بالمدينة، فقام سعد بن معاذ فقال: لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل، قال: قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا، إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقربه عينك فسر بنا على بركة الله، ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسطه قول سعد ثم قال: سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم ". وروى " أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر:
عليك بالعير ليس دونها شئ، فناداه العباس وهو في وثاقه لا يصلح، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لم؟
قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك " وكانت الكراهة من بعضهم لقوله - وإن فريقا من المؤمنين لكارهون - والحق الذي جادلوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقى النفير لإيثار هم عليه تلقى العير (بعد ما تبين) بعد إعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم ينصرون وجدالهم قولهم: ما كان خروجنا إلا للعير، وهلا قلت لنا لنستعد ونتأهب وذلك لكراهتهم القتال. ثم شبه حالهم في فرط فزعهم ورعبهم وهم يسار بهم إلى الظفر والغنيمة بحال من يعتل إلى القتل ويساق على الصغار إلى الموت المتيقن وهو مشاهد لأسبابه ناظر إليها لا يشك فيها.
وقيل كان خوفهم لقلة العدد وأنهم كانوا رجالة. وروى أنه ما كان فيهم إلا فارسان (إذ) منصوب بإضمار اذكروا (أنها لكم) بدل من إحدى الطائفتين والطائفتان العير والنفير (غير ذات الشوكة) العير لأنه لم يكن فيها إلا أربعون فارسا، والشوكة كانت في النفير لعددهم وعدتهم. والشوكة: الحدة مستعارة من واحدة الشوك، ويقال شوك القنا لشباها، ومنها قولهم: شائك السلاح: أي تتمنون أن تكون لكم العير لأنها الطائفة التي لا حدة لها ولا شدة ولا تريدون الطائفة الأخرى (أن يحق الحق) أن يثبته ويعليه (بكلماته) بآياته المنزلة في محاربة ذات
(١٤٤)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»