الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٤٣٧
ولا تؤمنوا إلا لمن اتبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.
يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
____________________
يقولون هم أعلم منا وقد رجعوا فيرجعون (ولا تؤمنوا) متعلق بقوله " أن يؤتى أحد " وما بينهما اعتراض: أي ولا تظهروا إيمانكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لأهل دينكم دون غيرهم أرادوا أسروا تصديقكم بأن المسلمين قد أوتوا من كتب الله مثل ما أوتيتم ولا تفشوه إلا إلى أشياعكم وحدهم دون المسلمين لئلا يزيدهم ثباتا ودون المشركين لئلا يدعوهم إلى الإسلام (أو يحاجوكم عند ربكم) عطف على أن يؤتى والضمير في يحاجوكم لأحد لأنه في معنى الجميع بمعنى ولا تؤمنوا لغير أتباعكم أن المسلمين يحاجونكم يوم القيامة بالحق ويغالبونكم عند الله تعالى بالحجة.
فإن قلت: فما معنى الاعتراض؟ قلت: معناه أن الهدى هدى الله من شاء أن يلطف به حتى يسلم أو يزيد ثباته على الإسلام كان ذلك ولم ينفع كيدكم وحيلكم وزيكم تصديقكم عن المسلمين والمشركين، وكذلك قوله تعالى (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء) يريد الهداية والتوفيق، أو يتم الكلام عند فوله " إلا لمن تبع دينكم " على معنى: ولا تؤمنوا هذا الإيمان الظاهر وهو إيمانهم وجه النهار إلا لمن تبع دينكم، إلا لمن كانوا تابعين لدينكم ممن أسلموا منكم، لأن رجوعهم كان أرجى عندهم من رجوع من سواهم، ولأن إسلامهم كان أغيظ لهم، وقوله أن يؤتى معناه لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم قلتم ذلك ودبرتموه لا لشئ آخر، يعني أن ما بكم من الحسد والبغي أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من فضل العلم والكتاب دعاكم إلى أن قلتم ما قلتم، والدليل عليه قراءة ابن كثير: أأن يؤتى أحد بزيادة همزة الاستفهام للتقرير والتوبيخ بمعنى ألأن يؤتى أحد. فإن قلت: فما معنى قوله أو يحاجوكم على هذا؟ قلت: معناه دبرتم ما دبرتم لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولما يتصل به عند كفركم به من محاجتهم لكم عند ربكم، ويجوز أن يكون هدى الله بدلا من الهدى، وأن يؤتى أحد خبر إن على معنى: قل إن هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم حتى يحاجوكم عند ربكم فيقرعوا باطلكم بحقهم ويدحضوا حجتكم. وقرئ إن يؤتى أحد على إن النافية وهو متصل بكلام أهل الكتاب: أي ولا تؤمنوا إلا لمن اتبع دينكم وقولوا لهم ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم حتى يحاجوكم عند ربكم، يعني ما يؤتون مثله فلا يحاجونكم، ويجوز أن ينتصب أن يؤتى بفعل مصدر يدل عليه قوله
(٤٣٧)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»