وهكذا تقول في النوع الأول. وأجيب بأن أسماء الحروف كثر استعمالها معدودة ساكنة الأعجاز موقوفة حتى صارت هذه الحالة كأن ها أصل فيها وما عداها عارض لها فلما جعلت أسماء للسور جوزت حكايتها على تلك الهيئة الراسخة فيها تنبيها على أن فيها شملة من ملاحظة الأصل لأن مسمياتها مركبة من مدلولاتها الأصلية أعني الحروف المبسوطة، والمقصود من التسمية بها الإيقاظ وقرع العصا، فتجوز الحكاية مخصوص بهذه الأسماء حال كونها أعلاما للسور، فلو سمى مثلا رجل بصاد أو سورة بالفاتحة لم تجز الحكاية. قال رحمه الله تعالى: ومما شهد لهذه الأسماء بصحة الحكاية أسماء الأصوات المحكية، فإنها لما غلب استعمالها مفردة حكيت على حالها من حركة أو سكون إذا وقعت مركبة، إلا أن تلك مبنية وهذه موقوفة، وفيه بحث، لأن غاق إذا جعل علما لشخص كان معربا لا محكيا. وأما في قولك: غاق حكاية صوت الغراب فقد أريد به لفظه فلذلك حكى بناؤه (قوله محمد بن طلحة) هو طلحة بن عبيد الله القرشي يتصل نسبه بالأب السابع من آباء النبي صلى الله عليه وآله، أعني مرتين كعب لقب بالسجاد، أمره أبوه يوم الجمل أن يتقدم للقتال فنثل درعه بين رجليه، وكلما حمل عليه رجل قال:
نشدتك بحم يريد بما في حمعسق من قوله تعالى - قل لا أسألكم عليه أجرا إلى المودة في القربى - ويظهر من ذلك أنه من القرابة الذين وجبت محبتهم وكف الأذى عنهم، وقيل كان شعار حزب الحق في ذلك اليوم حم لتلك الآية، وكان محمد يدعى بذلك أنه ليس من حزب المخالفين، فلما قتله العنسي أنشأ مفتخرا:
وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الكرى فميا ترى العين مسلم شككت له بالرمح جيب قميصه * فخر صريعا لليدين وللفم على غير شئ غير أن ليس تابعا * عليا ومن لا يتبع الحق يظلم يذكرني حاميم البيت. ويروى أن عليا رضي الله عنه لما رآه بين القتلى استرجع وقال: إن كان لشابا صالحا، ثم قعد كئيبا: أي رب أشعث، وشككت: أي شققت. وقوله على غير شئ يتعلق بشككت: أي خرقت جيب قميصه بلا سبب، وغير أن نصب على الاستثناء من شئ لعمومه بالنفي، وجاز أن يجعل بدلا عن محله:
أي لم يوجد شئ من الأسباب غير هذا إلا أنه فتح للبناء والرمح شاجر: أي طاعن: أي ذو طعن من شجرته بالرمح طعنته، وقيل أي مختلف، من شجر الرمح اختلف، والتشاجر التخاصم، وكل شئ دخل بعضه في بعض فقد تشاجر. ومعنى قوله: فهلا تلا حاميم، على الأول أنه تلاها بعد تقدمي إليه لطعنه، وعلى الثاني هلا تلاها قبل تقدمه إلى الحرب وتردد الرماح وعمل بها ليرتدع عن محاربة العترة الطاهرة فسلم إذ ذاك عن طعني. وقوله يظلم