والختم اسمان لما يطبع ويختم به كذلك العالم مع اشتقاقه من العلم اسم لذوي العلم: أي هو اسم يطلق على كل جنس من أجناس ذوي العلم لا على فرد منهم، فيقال عالم الملك وعالم الإنس وعالم الجن، ولا يقال عالم زيد مثلا. وقيل هو اسم يطلق على كل جنس ما يعلم به الخالق، أعني ما سوى الله سبحانه وتعالى، فيقال أيضا عالم الأفلاك وعالم العناصر وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الأعراض إلى غير ذلك فهو اسم للقدر المشترك بين أجناس دون العلم وأجناس ما يعلم به الخالق فيصح إطلاقه على كل أحد منها وعلى مجموعها أيضا، ولم يرد أنه اسم لمجموع ذوي العلم أو لمجموع ما يعلم به الخالق من حيث هو مجموع وإلا استحال جمعه إذ لا تعدد في شئ من المجموعين، ويدل على ذلك شيئان: الأول أنه سأل عن فائدة الجمع فقال: لم جمع، ولو قصد به اسم المجموع لسأل عن صحته وقال كيف جمع. الثاني قوله ليشمل فإنه تصريح بإسناده الشمول إلى الجمع، فلا يكون العالم اسما للمجموع وإلا لم يكن للجمع مدخل في الشمول أصلا. وحاصل الجواب أن الإفراد وإن كان أصلا وأحق إلا أنه لو أفرد معرفا باللام لربما توهم أن القصد إلى استغراق أفراد جنس واحد مما سمى به أو إلى الحقيقة: أي القدر المشترك بين الأجناس، فلما جمع وأشير بصيغة الجمع إلى تعدد الأجناس واستغراق أفرادها بالتعريف زال التوهم بلا شبهة وفهم المقصود بلا مرية. فإن قلت: العالم لا يطلق على واحد من أفراد الجنس المسمى به كزيد مثلا فإذا عرف باللام امتنع استغراقه لأفراد جنس واحد، فإن اللفظ المفرد لا يستغرق إلا أفرادا يطلق على كل واحد منها، وكذا إذا جمع وعرف لم يتناول إلا الأجناس التي يطلق عليها دون أفرادها. قلت: لما كان العالم مطلقا على الجنس بأسره كما نبهناك عليه ينزل منزلة الجمع، ومن ثمة قيل هو جمع لا واحد له من لفظه، وكما أن الجمع إذا عرف استغرق آحاد مفردة كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى وإن لم يكن صادقا عليها كقوله تعالى - والله يحب المحسنين - أي كل محسن، وكقولك:
لا أشترى العبيد: أي كل واحد منهم، كذلك العالم ينزل منزلة الجمع المعرف فيشمل جميع أفراد الجنس المسمى به