المعاني فيفوت ما هو الغرض الأصلي من وضع الألفاظ وهيئاتها أعني الإبانة عما في الضمير (قوله ومنه قول صفوان وهو صفان بن أمية بن خلف الجمحي هرب يوم الفتح ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشهد معه حنيفا وهو كافر. قال الصغاني: أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله من غنائم حنين ما استكثره وقال: لا يطيب به إلا قلب نبي فآمن، ولما انهزم المسلمون يوم حنين في أول القتال استبشر أو سفيان بن حرب وقال: غلبت والله هوازن، إذن لا يردهم شئ إلا البحر، فرد عليه صفوان قائلا: بفيك الكثكث، لأن يربني الخ. الخ. الكثكث بكسر الكافين وفتحهما وضمهما دقاق الحجارة والتراب، ومعنى يربني: يكون مالكا لي، يقال ربه: كان مالكا له كقولك ساده: كان سيدا له. صفوان أراد برجل من قريش محمدا صلى الله عليه وآله، وبرجل من هوازن كان رئيسهم مالك بن عوف (قوله فهو رب) يشعر بأنه صفة مشبهة من فعل متعد إلا أنه أراد أخذها منه بعد جعله لازما بالنقل إلى فعل بالضم كما سلف. قيل ولما كان مجئ الصفة على فعل من باب فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع عربيا استشهد له بمثاله. يقال نم الحديث ينمه بالضم والكسر فهو نم ولابد فيه من النقل أيضا وكأن في ترك المفعول نوع إشارة إليه (قوله ويجوز) عطف على قوله الرب المالك: أي الرب بمعنى المالك، إما على أنه صفة مشبهة، وإما على أنه وصف بالمصدر (قوله ولم يطلقوا الرب) أي ولم يستعملوا لفظ رب في غير الله تعالى مجردا عن الإضافة، ولو استعمل كان نادرا كقول الحرث بن حلزة:
وهو الرب والشهيد على يو * م الحيارين والبلاء بلاء وأما لفظ الأرباب فحيث لم يطلق على الله وحده جاز تقييده بالإضافة وإطلاقه كما يقال رب الأرباب، وقال تعالى - أأرباب متفرقون - (قوله بما دل عليه الحمد) لم يجعل المصدر عاملا فيه لقلة إعمال المصدر المحلى باللام ولأنه يلزم الفصل بينه وبين معموله بالخبر، وإنما قال نحمد الله رب العالمين لأن الرب في المعنى صفة لابد لها من موصوف، فأشار إلى أن العامل فيهما واحدا (قوله العالم) يريد كما أن الطابع والخاتم مع اشتقاقهما من الطبع