المصنف بالإضافة بمعنى في وإن كانت رافعة مؤنة الاتساع وما يتبعه من الإشكال، إما لأن إجراء الظرف مجرى المفعول به قد تحقق في الضمائر بلا خلاف فصورة الإضافة لما احتملت وجهين كانت محمولة على ما تحقق فلا إضافة عنده بمعنى في، وإما لأن الاتساع يستلزم فخامة في المعنى، فكان بالاعتبار عند أرباب البيان أولى، وأما النحوي فقد اعتد بها لقصور نظره في تصحيح العبارة على ظاهرها. وأهل الدار منصوب بسارق لاعتماده على حرف النداء كقولك: يا ضاربا زيدا ويا طالعا جبلا، وتحقيقه أن النداء يناسب الذات فاقتضى تقدير موصوف:
أي يا شخصا ضاربا (قوله والمعنى على الظرفية) يريد أن الظرف وإن قطع في الصورة عن تقدير في وأوقع موقع المفعول به إلا أن المعنى المقصود الذي سيق الكلام لأجله على الظرفية، لأن كونه مالكا ليوم الدين كناية عن كونه مالكا فيه الأمر كله، فإن تملك الزمان كتملك المكان يستلزم تملك جميع ما فيه، وقوله لمن الملك استشهاد على إرادة العموم المناسب لمقام العظمة والكبرياء فإن معناه أن لا تصرف أصلا في ذلك اليوم إلا له فلا ملك ولا مالك يومئذ إلا هو. ومن قال إن الإضافة في مالك يوم الدين مجاز حكمي، ثم زعم أن المفعول به محذوف عام شهد لعمومه الحذف بلا قرينة خصوص، ورد عليه أن هذا المحذوف مقدر في حكم الملفوظ فلا مجاز حكميا حينئذ كما في اسأل القرية إذا كان الأهل مقدار (قوله فإضافة اسم الفاعل) أي إذا كان الظرف متسعا فيه جاريا مجرى المفعول به كانت إضافة اسم الفاعل إليه غير حقيقية فلا يتعرف بها المضاف فلا يسوغ وقوعه صفة لله تعالى. أجاب بأن إضافة اسم الفاعل إنما تكون غير حقيقية إذا أريد به الحال والاستقبال ليكون عاملا وفى تقدير الانفصال.
وأما إذا قصد به الماضي أو الاستمرار فإضافته حقيقية كإضافة الاسم الذي لا يدل على زمان أصلا ولا ينصب مفعولا به قطعا كمولى العبيد. وأورد المضاف إليه في مثال الماضي مفردا لكفايته فيه، وقيد بأمس تحقيقا للمضى وإشارة إلى جواز عمله في الظروف حال كون إضافته حقيقية، وفى مثال المستمر جمعا لأنه أنسب بالاستمرار وأظهر في تصوره. واعترض عليه بأنه ذكر في قوله تعالى - جاعل الليل سكنا - أن جاعلا دل على جعل مستمر في الأزمنة المختلفة، ومع ذلك جعله عاملا في المضاف إليه ناصبا له حيث جوز عطف - والشمس والقمر - في قراءة النصب على محل الليل، وفيه تصريح بأن اسم الفاعل إذا أريد به الاستمرار كان عاملا فتكون إضافته غير حقيقية وهذا مناف لما ذكره ههنا. وأجيب بأن الزمان المستمر يشتمل على الماضي وعلى الحال والاستقبال، فجاز أن يعتبر جانب الماضي فلا يكون الاسم عاملا وكانت إضافته حقيقية، وأن يعتبر جانب الحال والاستقبال فكان الاسم عاملا وإضافته غير حقيقية، وكل واحد من الاعتبارين يتعين بحسب اقضاء المقامات وقرائن الأحوال، وأجيب أيضا بأنه لا منافاة بين أن يكون المستمر عاملا وإضافته حقيقية. ووجه بأن المستمر لما احتوى على الماضي ومقابليه روعي الجهتان معا فجعلت الإضافة حقيقية نظرا إلى الأولى، واسم الفاعل عاملا نظرا إلى الثانية، فجعل