خبره للتخصيص. وقوله لا فيه عطف على ذلك الخبر المقدم وتصريح بما يتضمنه التخصيص من النفي تأكيدا له والمجموع خبر لأن وقد روعي فيها لطيفة هي أن التخصيص يتألف من إثبات ونفى فيصرح إما بهما أو بأحدهما على ما يقتضيه الحال، ونظم التنزيل على تقدير التقديم، أعني لا فيه ريب يقتضى تخصيصا صرح فيه بالنفي وحده، لكن بعده عن المرام ونبوه عن مناسبة المقام إنما هو للارتياب في غيره، فلذلك اختار العلامة التصريح به مع المحافظة على طريق التقديم واستبقاء الظرف على صورته، واستدرك بالعطف ما فاته من كون النفي مصرحا به في ذلك النظم، وقيل حق العبارة أن كتابا آخر فيه الريب لا إياه: أي القرآن، أو أن في كتاب آخر الريب لا فيه وكلاهما مردود.
أما الثاني فلفوات بقاء الظرف على هيئته في النظم المقدر. وأما الأول فلأن قوله فيه الريب إن كان جملة مفيدة للحصر كما بيناه كان المعنى: أن الريب مخصوص بكتاب آخر لا بالقرآن، وأنه فاسد، وإن كان محمولا على أن الريب فاعل للظرف لم يوافق النظم في إفادة التخصيص بالتقديم، وكان تعريف الريب مستدركا، وكأن هذا القائل توهم في عبارة الكتاب أن الظرف خبر إن والريب فاعله فلم يجز عنده أن يعطف عليه قوله لا فيه لخلوه عن ضمير المخبر عنه فاستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير (قوله لا فيها غول) إن نظر إلى حاصل المعنى كان قاصرا لصفة الاغتيال على خمور الدنيا، وإن روعي القاعدة القائلة إن تقديم المسند يفيد حصر المسند إليه عد قصرا للموصوف على الصفة: أي الغول مقصور على عدم الحصول في خمور الجنة لا يتعداه إلى عدم الحصول فيما يقابلها، أو عدم الغول مقصور على الحصول فيها لا يتجاوزها إلى الحصول في هذه الخمور. وبالجملة تجعل حرف النفي جزءا من المسند أو المسند إليه، وقس على ذلك نظائره (قوله أبو الشعثاء) هو تابعي مشهور اسمه سليم بن أسود المحاربي (قوله أن المشهورة توجب الاستغراق وهذه تجوزه) بيان ذلك أن المشهورة لنفى الجنس: أي الحقيقة ويلزمه نفى أفرادها بأسرها، إذ لو ثبت شئ منها كانت الحقيقة ثابتة في ضمنه ولا تحتمل معنى آخر فهي نص في الاستغراق توجبه، فإذا قيل لارجل في الدار بالفتح لم يصح بل رجلان أو رجلان، وغير المشهورة مجوزة للاستغراق على معنى أنها ظاهرة فيه ومحتملة لمعنى آخر. أما الأول فلأن المتبادر من النكرة المنونة فرد لا بعينه وهو مساوق للحقيقة، فإذا نفى استلزم نفى جميع الأفراد. وأما الثاني فلأنه قد يقصد بذلك نفى الوحدة المنفردة: أي المجردة عن العدد فيقال لارجل في الدار بل رجال: أي الجنس موصوف بالتعدد لا بالوحدة، وأما إذا زدت من الاستغراقية وقلت لا من رجل زال ذلك الاحتمال وصار نصا في الاستغراق كالمبنى، إلا أن المفهوم المبنى نفى الحقيقة، ومفهوم لامن رجل نفى فرد لا بعينه حتى إذا فسرت الأول بالفارسية قلت نيس مردار سرار، والثاني قلت نيست هيج مردى روس: أي وأما لارجل بالرفع فمعناه نيست مردى. وقيل استغراق المبنى لتضمنه معنى من مقدرة فيجب أن لا يفترقا مفهوما. لا يقال: صحة الاستثناء من لا رجل ولا من رجل يقدح في نصوصيتها، لأنا نقول: لاقدح لجريانه في الألفاظ الناصبة اتفاقا كأسماء العدد وقد حقق في موضعه (قوله هو المشهور) قيل على هذا يكون