كان ألم اسما للسورة وذلك إشارة إليها كان حصر الكمال فيها إثباتا للنقصان في سائر الصور فإنها المقابلة لها لا الكتب المتقدمة. قلت: هذا إنما يلزم إذا لو حظ في الحصر السورة من حيث خصوصها، وأما إذا لو حظت من حيث أنها قرآن فلا، لأن مقابلها من هذه الحيثية هو الكتب المتقدمة لا سائر السور، وأيضا يجوز أن يراد باسم السورة القرآن كله مجازا (قوله وأن يكون الكتاب صفة) أي لذلك فيكون حينئذ ذلك الكتاب على هذا التقدير خبرا مفردا والكلام جملة واحدة ومعناه ما ذكره وقد سبق تحقيقه، وجعل اللام في الكتاب للعهد على تقدير كونه صفة لذلك لأنه المتبادر عند الإشارة إليه، وأيضا لا فائدة في الإخبار عن السورة لصدق جنس الكتاب عليها، وإن قصد الحصر كان اسم الإشارة لغوا. وأما أن ذلك الكتاب بدل من ألم على تقدير كونه مبتدأ وما بعده خبره فلم يلتفت إليه، إذا لم يقع الإبدال فيه موقعه لا في المعهود ولا في الجنس بشهادة الفطرة السليمة (قوله على ن الكتاب صفة) أي لذلك سواء كان خبرا ثانيا أو بدلا من الخبر الأول، أعني ألم، وأما إذا جعل ذلك مبتدأ والكتاب خبره والجملة خبرا بعد خبر أو بدلا من الخبر المفرد فلذلك غير ما ذكره المصنف، لأن الخبر الثاني أو البدل هو مجموع الجملة لا ذلك وحده والمقدر خلافه. فإن قلت: كيف صح الإخبار عن هذه بالم. قلت: صح ذلك على معنى أن هذه السورة هي السورة المشهورة فضلا وكمالا وبلاغة وهداية أو على أنها مسماة بهذا الاسم (قوله أي ذلك الكتاب المنزل) يريد أن ذلك إشارة إلى ما رمز إليه بتعديد هذه الأحرف، وكذا قوله يعنى هو المؤلف من هذه الحروف إشارة إلى أن الضمير المقدر راجع إلى ذلك المرموز إليه، وهذا ظاهر في الوجه الثاني، أعني قرع العصا. وأما إذا قصد بذكر الحروف الإعراب كان دلالتها على المنزل المؤلف منها تبعا لا قصدا فيصح بذلك رجوع الإشارة والضمير إليه وفيه خفاء (قوله وتأليف هذا ظاهر) فإنك إذا جعلت ألم اسما للسورة فهو مبتدأ بتقدير مضاف: أي تنزيل ألم تنزيل الكتاب، أو هو خبر مبتدأ محذوف: أي هذه ألم، وإن جعلته تعديدا فتنزيل الكتاب إما خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره لا ريب فيه، أو هو اعتراض والخبر هدى للمتقين، وإنما جعله ظاهرا للإحاطة بالوجوه السابقة في القراءة المشهورة. وقيل لقلتها بالقياس عليها (قوله والريب مصدر رابني إذا حصل فيك الريبة) هو في أصله كذلك إلا أنه استعمل في هذه الموضع ونظائره بمعنى الريبة والشك، ولو أريد ههنا معناه الأصلي لقيل لا ريب له كما يقال لأضرب لزيد (قوله وحقيقة الريبة يريد أن الريبة وإن اشتهرت في معنى الشك إلا أن حقيقتها
(١١٢)