الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١١١
صرف لأنه ثلاثي ساكن الوسط كدعد. ويروى نعمى على وزن حبلى وذكر اسم الإشارة لأن المعنى لذلك الإنسان أو الشخص، وإلى هذا التأويل أشار المصنف بقوله هند ذلك الإنسان الخ. وقيل ذكر لأنه إشارة إلى العاتب الزاري على معنى النسب كما تقول هند لابن: أي ذات لبن، يقال عتب عليه إذا غصب وزرى عليه إذا عابه، وقوله على الهجران ظرف لعاتبة، وجوز أن يكون حالا من نعمى أو من ضميرها في عاتبة، وقبله:
عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار * ماذا تحيون من نؤى وأحجار لقد أراني ونعمى لاهين بها * والدهر والعيش لم يهمم بأمرار العوج عطف زمام البعير ليقف. وقوله ماذا تحيون كأنه يرد به على نفسه قوله فحيوا، ويروى بائتين بها (قوله والجملة خبر المبتدأ الأول) والعائد فيها هو اسم الإشارة القائم مقام الضمير (قوله ومعناه أن ذلك هو الكتاب) أدخل ضمير الفصل بين المبتدأ والخبر إيذانا بأن التركيب يفيد الحصر بناء على أن اللام للجنس حيث لاعهد، ووصف الكتاب بالكامل تنبيها على أن المقصود من حصر الجنس حصر الكمال وإلا لم يكن الحصر صحيحا، وقال كأن ما عداه تصريحا بما يتضمنه حصر الكمال فيه من إثبات النقصان لما يقابله من الكتب تأكيدا، وفى لفظ كأن نوع تأدب مع سائر كتب الله تعالى. وقيل هو إشارة إلى أن الحصر على وجه المبالغة دون الحقيقة وليس بشئ فإنه لو جزم بنقصان ما عداه لكان الأمر كذلك. ولما فرغ من بيان المعنى المقصود الذي هو حصر الكمال إثباتا ونفيا شرع في وجه إفادة حصر الجنس إياه بقوله وإنه الذي معطوفا على قوله إن ذلك، يريد أنه لكماله في بابه ونقصان ما سواه من جنس هو الذي يستحق أن يسمى كتابا كأنه الجنس كله وما عداه خارج عنه. ثم مثل له مثالا مشهورا في العرف أعني قوله هو الرجل، وأردفه بما صرح فيه بحصر كل الجنس في الكامل، أعني قوله هم القوم كل القوم إزالة لما عسى يتخالج في الأوهام من استبعاد حصر الجنس في بعض أفراده وأوله:
* وإن الذي حانت بفلج دماؤهم * أراد الذين حانت من الحين مفتوح الحاء بمعنى الهلاك: أي هلكت دماؤهم وأريقت بفلج وهو موضع قريب من البصرة، وقيل من الحينونة، والمعنى: حال سفك دمائهم (قوله يستأهل) أي يستحق، قال في الأساس: استأهل فلان لكذا: أي هو أهل له، وأهل الحجاز يستعملونه استعمالا واسعا. وفى الصحاح ودرة الغواص في أوهام الخواص أن المستأهل من يأخذ الإهالة أو يأكلها. فإن قلت: إذا
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»