ثم قال (واتقوا الله ربكم) بان لا ترتكبوا المعاصي (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) يعني زمان العدة، لأنه لا يجوز إخراجها من بيتها - وعندنا وعند جميع الفقهاء - يجب عليه السكنى والنفقة والكسوة إذا كانت المطلقة رجعية، فان كانت بائنا فلا نفقة لها ولا سكنى. وقال الشافعي: فلا نفقة لها ولا سكنى إذا كانت بائنا. وقال أهل العراق: لها السكنى والنفقة.
وقوله (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) من فتح الياء أراد فاحشة أظهرت.
ومن خفض الياء أراد بفاحشة ظاهرة. وقال عطاء والضحاك وقتادة: لا يجوز ان تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها إلا عند الفاحشة. وقال الحسن وعامر والشعبي ومجاهد وابن زيد: الفاحشة - ههنا - الزنا تخرج لإقامة الحد. قال ابن عباس:
الفاحشة النداء على أهلها، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وقال قتادة:
الفاحشة هو النشوز. وقال ابن عمر: هو خروجها قبل انقضاء العدة - وفي رواية عن ابن عباس - ان كل معصية لله ظاهرة فهي فاحشة.
وقوله (وتلك حدود لله) يعني ما تقدم ذكره من كيفية الطلاق والعدة وترك إخراجها عن بيتها إلا عند فاحشة حدود الله، فالحدود نهايات تمنع أن يدخل في الشئ ما ليس منه أو يخرج منه ما هو منه، فقد بين الله بالأمر والنهي الحدود في الطاعات والمعصية بما ليس لأحد ان يدخل في شئ من ذلك ما ليس منه أو يخرج عنه ما هو منه.
وقوله تعالى (ومن يتعد حدود الله) معناه من يجاوز حدود الله بأن يخرج عن طاعته إلى معصيته، فقد تعدى حدا من حدود الله وكذلك من دخل في معصية، فقد خرج عن الطاعة. وليس كل من دخل في طاعة فقد خرج إليها عن معصية، لأنها قد تكون نافلة. ثم بين تعالى فقال: ومن يجاوز حدود الله