وقوله تعالى (فطلقوهن لعدتهن) معناه أن يطلقها وهي طاهر من غير جماع ويستوفي باقي الشروط. وقال ابن عباس: هو أن يطلقها طاهرا من غير جماع.
وبه قال مجاهد والحسن وابن سيرين وقتادة والضحاك والسدي، فعلى هذا متى طلقها في الحيض فلا يقع طلاقها، لأنه خلاف المأمور به، وهو منهي عنه، والنهي يدل على فساد المنهي عنه وعند الفقهاء إنه يقع الطلاق، وإن كان بدعة.
ثم قال (واحصوا العدة) فالعدة قعود المرأة عن الزواج حتى تنقضي المدة المرتبة في الشريعة، وعدة المرأة على ضروب:
أحدها - عدة التي لم تبلغ المحيض، ومثلها لا تحيض، وهي التي لم تبلغ تسع سنين، فهذه لا عدة عليها - عند أكثر أصحابنا - وفيهم من قال عدتها بالشهور، وبه قال باقي الفقهاء. وعدة التي لا تحيض ومثلها تحيض ثلاثة اشهر بلا خلاف.
وعدة التي تحيض ثلاثة أقراء وهي الأطهار - عندنا وعند كثير من الفقهاء - وعند قوم انها الحيض.
وعدة التي ارتفع حيضها ومثلها تحيض ثلاثة اشهر بلا خلاف. وقد حد ذلك أصحابنا بأن يكون سنها أقل من خمسين سنة.
وعدة الآيسة من المحيض ومثلها لا تحيض، فلا عدة عليها - عند أكثر أصحابنا - وقال قوم: عدتها بالأشهر، وحد ذلك أصحابنا بأن يزيد سنها على خمسين سنة، والقرشية حدوها بستين سنة فصاعدا.
وعدة الحامل وضع ما في بطنها إذا كانت عدة الطلاق، فان كانت عدة الوفاة فأبعد الأجلين من وضع الحمل أو مضي أربعة اشهر وعشرة أيام. وهو مذهب علي عليه السلام وابن عباس. وقال الفقهاء عدة المتوفى عنها زوجها وضع ما في بطنها وقوله (واحصوا العدة) يعني مدة زمان العدة.