وهم أكثر القراء جعل الفعل لما لم يسم. فاعله. وفتح الحسن الياء لأنهم إذا أدخلوا فقد دخلوا. ومعنى الآية الانكار عليهم قولهم: إن دخل أصحاب محمد الجنة، فانا ندخلها قبلهم لا محالة، فقيل وأي شئ لكم عند الله يوجب هذا؟ ولم تحتقرون هؤلاء؟ وقد خلقناهم جميعا مما يعلمون أي من تراب.
وقوله (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) قال الحسن: خلقناهم من النطفة.
وقال قتادة: إنما خلقت من قذر يا بن آدم فاتق الله. وقال الزجاج: أي من تراب، ثم من نطفة، فأي شئ لهم يدخلون به الجنة، وهم لك على العداوة، وهذا حجاج لان خلقهم من ماء مهين يقتضى أنهم خلقوا للعبادة، فجعل في خلقهم من هذا عبرة، ولولا ذلك لابتدأهم في نعيم الجنة، ولم يكن لتنقلهم في الصور والأحوال معنى في الحكمة، وقال بعضهم: المعنى خلقناهم من الذين يعلمون أو من الخلق أو الجنس الذي يعلمون ويفقهون، وتلزمهم الحجة، ولم يخلقهم من الجنس الذي لا يفقه كالبهائم والطير، وإنما قال (مما يعلمون) فجمع، لأنه قال قبل ذلك (خلقناهم) فجمع (يعلمون) ووجه أخر وهو أنه خلقهم من أجل ما يعلمون من الثواب والعقاب والتكليف للطاعات تعريضا للثواب، كما يقول القائل: غضبت عليك مما تعلم أي من أجل ما تعلم قال الأعشى:
أأزمعت من آل ليلى ابتكارا * وشطت على ذي هوى أن تزاوا (1) على أنه لم يزمع من عندهم، وإنما أزمع من أجلهم للمصير إليهم.
وقوله (فلا أقسم برب المشارق والمغارب) قسم من الله تعالى برب المطالع والمغارب، و (لا) مفخمة وقد بينا القول في ذلك. وقال ابن عباس: الشمس لها ثلاثمائة وستون مطلعا كل يوم مطلع لاتعود إليه إلا إلى قابل. وقوله (إنا لقادرون)