تلك الجنة (طائف من ربك) أي طرقها طارق من أمر الله، فالطائف الطارق ليلا، فإذا قيل أطاف به صلح في الليل والنهار، وانشد الفراء:
اطفت به نهارا غير ليلى * والهي ربها طلب الرخال (1) الرخال أولاد الضان واحدها رخل وفى الأنثى رخلة (وهم نائمون) أي في حال نومهم (فأصبحت) يعني الجنة (كالصريم) أي كالليل الأسود - في قول ابن عباس - وانشد أبو عمرو بن العلا:
ألا بكرت وعاذلني تلوم * تجهلني وما انكشف الصريم (2) وقال:
تطاول ليلك الجون البهيم * فيما ينجاب عن صبح صريم إذا ما قلت اقشع أو تناهى * جرت من كل ناحية غيوم (3) وقال قوم: الصريم هو المصروم، وقال سعيد بن جبير: الصريم أرض معروفة باليمين لا نبات فيها تدعى صروان، وإنما قيل لليل صروم، لأنه يقطع بظلمته عن التصرف في الأمور. وقيل: إنما فعل الله بهم ذلك لأنهم منعوا الحقوق اللازمة من ثمار هذه الجنة. والصرم قطع الثمر. والصريم المصروم جميع ثماره.
وقوله (فتنادوا مصبحين) اخبار عن حالهم أنهم لما أصبحوا نادى بعضهم بعضا يا فلان يا فلان، والتنادي دعاء بعض الناس بعضا بطريقة يا فلان وأصله من الندى بالقصر، لان النداء الدعاء بندى الصوت الذي يمتد على طريقة يا فلان، لان الصوت إنما يمتد للانسان بندى حلقه. والنادي مجلس الرفد وهو الندي (ان اغدوا على حرثكم) أي نادى بعضهم بعضا بأن اغدوا، أو قالوا: (اغدوا على حرثكم) والحرث الزرع الذي قد حرثت له الأرض، حرث يحرث حرثا والحراث