في اللغة، وضده الطلاقة والبشاشة. وقوله (وبسر) فالبسور بدو التكره الذي يظهر في الوجه وأصله من قولهم: بسر بالامر إذا عجل به قبل حينه، ومنه البسر لتعجيل حاله قبل الارطاب قال توبة:
وقد رابني منها صدود رأيته * وإعراضها عن حاجتي وبسورها (1) فكأنه قيل: قبض وجهه وبدي التكره فيه. وقوله (ثم أدبر) فالادبار الاخذ في جهة الدبر خلاف جهة الاقبال، فذلك ادبار وهذا إقبال، يقال: دبر يدبر دبورا وأدبر إدبارا، وتدبر نظر في عاقبة الامر، ودبره أي عمله على إحكام العاقبة وكل مأخوذ من جهة الخلف مدبر.
وقوله (واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر) أي طلب كبرا ليس له، ولو طلب كبرا هو له لم يكن مذموما، وفي صفات الله تعالى (الجبار المتكبر) (2) لان له الكبرياء، وهو كبير الشأن في أعلى المراتب لاختصاصه باتساع مقدوراته والمعلوم في أعلى المراتب. وقيل: ان الوليد قال في القرآن: والله ليعلو وما يعلا وما هو بشعر ولا كهانة، ولكنه سحر يؤثر من قول البشر، والسحر حيلة يخفى سببها فيوهم الشئ على خلاف ما هو به وذلك منفي عن كل ما يشاهد ويعلم انه قد خرج عن العادة مما لا يمكن عليه معارضة، ولو كان القرآن من قول البشر لا مكنهم أن يأتوا بمثله، كما لو كان قلب العصا حية من فعل ساحر لا مكن السحرة أن يأتوا بمثله. ثم قال يعني الوليد (إن هذا إلا قول البشر) أي ليس هذا إلا قول البشر وليس من كلام الله عنادا منه وبهتانا.