التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٦٨
خشبة قويه وحبل قوي أي صلب، وأصله من قوى الحبل، وهو شدة الفتل ثم نقل إلى معنى القدرة، كما نقل (كبر) عن كبر الجثة إلى كبر الشأن، والأثر حدث يظهر به أمر، ومنه الآثار التي هي الأحاديث عمن تقدم بما تقدم بها من أحوالهم وطرائقهم في أمر الدنيا والدين. وقوله " فاخذهم الله بذنوبهم " ومعناه فأهلكهم الله جزاء على معاصيهم " وما كان لهم من الله من واق " في دفع العذاب عنهم ومنعهم من نزوله بهم - وهو قول قتادة -.
ثم بين تعالى انه إنما فعل بهم ذلك لأنهم " جاءتهم رسلهم بالبينات " يعني بالمعجزات الظاهرات والدلالات الواضحات فكذبوهم وجحدوا رسالتهم فاستحقوا العذاب " فاخذهم الله بذنوبهم " أي أهلكهم الله جزاء على معاصيهم " انه قوي شديد العقاب " أي قادر شديد عقابه.
ثم ذكر قصة موسى عليه السلام فقال " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا " أي بعثناه بحججنا وأدلتنا " وسلطان مبين " أي حجة ظاهرة نحو قلب العصى حية وفلق البحر وغير ذلك " إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب " يعني موسى. ثم قال تعالى " فلما جاءهم " يعني موسى عليه السلام " بالحق من عندنا قالوا " يعني فرعون وهامان وقارون " اقتلوا أبناء الذين آمنوا " بموسى ومن معه " واستحيوا نساءهم " أي استبقوهم، قال قتادة: كان هذا الامر بقتل الأبناء والاستحياء للنساء امرا من فرعون بعد الأمر الأول. وقيل استحياء نسائهم للمهنة. وقيل:
معناه استحيوا نساءهم وقتلوا الأبناء ليصدوهم بذلك عن اتباعه ويقطعوا عنه من يعلونه، وإنما ذكر قصة موسى ليصبر محمد صلى الله عليه وآله على قومه كما صبر موسى قبله.
ثم اخبر تعالى ان ما فعله من قتل الرجال واستحياء النساء لم ينفعه وان كيده، وكيد الكافرين لا يكون الا في ضلال عن الحق واسم (كان) الأولى قوله
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست