التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٦٧
الله إنه قوي شديد العقاب (22) ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين (23) إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب (24) فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال) (25) خمس آيات بلا خلاف.
قرأ ابن عباس " أشد منكم " بالكاف. الباقون بالهاء. قال أبو علي: من قرأ بالهاء فلان ما قبله " أو لم يسيروا " على أن لفظه لفظ الغيبة، فحمله على ذلك فقرأ " أشد منهم " ومن قرأ بالكاف انصرف من الغيبة إلى الخطاب، كقوله " إياك نعبد " بعد قوله " الحمد لله " وحسن - هنا - لأنه خطاب لأهل مكة.
يقول الله تعالى منبها لهؤلاء الكفار على النظر في ما نزل بالماضين جزاء على كفرهم فيتعظوا بذلك وينتهوا عن مثل حالهم، فقال " أو لم يسيروا في الأرض " والسير والمسير واحد، وهو الجواز في المواضع، يقال: سار يسير سيرا وسايره مسايرة وسيرة تسييرا، ومنه قوله " السيارة " (1) والثياب المسيرة: التي فيها خطوط وقوله " فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم " أي يتكفروا في عواقب الكفار من قوم عاد وقوم لوط، فيرون بلادهم هالكه وآثارهم دارسة ومنازلهم خالية بما حل بهم من عذاب الله ونكاله جزاء على جحودهم نعم الله واتخاذهم معه إلها غيره، وكان الأمم الماضية أشد قوة من هؤلاء. والقوة هي القدرة، ومنه قوله " القوي العزيز " (2) وقد يعبر بالقوة عن الصلابة، فيقال:

(1) سورة 12 يوسف آية 10 (2) سورة 11 هود آية 66 وسورة 42 الشورى آية 19
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست