التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٧١
أخاف ان يبدل موسى عليكم دينكم، فإن لم يفعله فيوقع الفساد بينكم، ولم يكن قاطعا على أحدهما به. وروي رواية شاذة عن أبي عمرو: انه قرأ " وقال رجل " باسكان الجيم. الباقون بضمها وذلك لغة قال الشاعر:
رجلان من ضبة اخبرانا * إنا رأينا رجلا عريانا أراد رجلين فأسكن وهو مثل قولهم: كرم فلان بمعنى كرم.
حكى الله تعالى عن فرعون أنه قال لقومه " ذروني " ومعناه اتركوني اقتل موسى، وذلك يدل على أن في خاصة فرعون كان قوم يمنعونه من قتل موسى، ومن معه ويخوفونه ان يدعو ربه فيهلك، فلذلك قال ذروني اقتله وليدع ربه، كما تقولون. وقال قوم: ذلك حين قالوا لو هو ساحر فان قتلته قويت الشبهة بمكانه بل " ارجه واخاه وابعث في المدائن حاشرين " (1) " وليدع ربه " في دفع القتل عنه، فإنه لا يخشى من دعائه شئ، وهذا عنف من فرعون وتمرد وجرأة على الله وإيهام لقومه بأن ما يدعو به موسى لا حقيقة له.
ثم قال فرعون " إني أخاف ان يبدل " يعني موسى " دينكم " وهو ما تعتقدونه من إلهيتي " أو ان يظهر في الأرض الفساد " بأن يتبعه قوم نحتاج ان نقاتله فيخرب في ما بين ذلك البلاد، ويظهر الفساد. وقال قتادة: الفساد عند فرعون ان يعمل بطاعة الله. فمن قرأ " أوان " فإنه جعل المخوف أحد الامرين وإن جعل (أو) بمعنى الواو جعل الامرين مخوفين معا، ومن قرأ بالواو جعل المخوف الامرين معا: تبديل الدين وظهور الفساد. والتبديل رفع الشئ إلى غيره في ما يقع موقعه إلا أنه بالعرف لا يستعمل إلا في رفع الجيد بالردي، والفساد انتقاض الامر بما ينافي العقل أو الشرع أو الطبع، ونقيضه الصلاح. والاظهار

(1) سورة 26 الشعراء آية 36
(٧١)
مفاتيح البحث: القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست