التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٦٥
ولم تعد إلى أماكنها وقيل: الكاظم الساكت على امتلائه غيظا أو غما. ونصب (كاظمين) على الحال - في قول الزجاج - وتقديره قلوب الظالمين لدى الحناجر (كاظمين) أي في حال كظمهم، والحناجر جمع حنجرة وهي الحلقوم. وقيل:
إنما خصت الحناجر بذلك لان الفزع ينتفخ منه سحره أي رئته فيرتفع القلب من مكانه لشدة انتفاخه حتى يبلغ الحنجرة. والكاظم للشئ الممسك على ما فيه، ومنه قوله (والكاظمين الغيظ) (1) ومنه قولهم: كظم قربته إذا شد رأسها، لان ذلك الشد يمسكها على ما فيها، فهؤلاء قد اطبقوا أفواههم على ما في قلوبهم لشدة الخوف.
وقوله (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) نفي من الله أن يكون للظالمين شفيع يطاع، ويحتمل أن يكون المراد بالظالمين الكفار، فهؤلاء لا يلحقهم شفاعة شافع أصلا، وان حملنا على عموم كل ظالم من كافر وغيره جاز أن يكون إنما أراد نفي شفيع يطاع، وليس في ذلك نفي شفيع يجاب، ويكون المعنى ان الذين يشفعون يوم القيامة من الأنبياء والملائكة والمؤمنين إنما يشفعون على وجه المسألة إليه والاستكانة إليه لا أنه يجب على الله ان يطيعهم فيه. وقد يطاع الشافع بأن يكون الشافع فوق المشفوع إليه. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله لبريرة (إنما أنا شافع) لكونه فوقها في الرتبة ولم يمنع من إطلاق اسم الشفاعة على سؤاله، وليس لاحد أن يقول الكلام تام عند قوله (ولا شفيع) ويكون قوله (يطاع) ابتداء بكلام آخر لان هذا خلاف لجميع القراء لأنهم لا يختلفون ان الوقف عند قوله (يطاع) وهو رأى آية وهو يسقط سؤال وأيضا فلو وقفت عند قوله (ولا شفيع) لما كان لقوله " يطاع "

(1) سورة 3 آل عمران آية 134
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست