التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٧٢
جعل الشئ بحيث يقع عليه الادراك.
ثم حكى تعالى ما قال موسى عند ذلك فإنه قال " إني عذبت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب " والعياذ هو الاعتصام بالشئ من عارض الشر، عذت بالله من شر الشيطان واعتصمت منه بمعنى واحد. ومن أظهر ولم يدغم. قال: لان مخرج الذال غير مخرج التاء. ومن ادغم فلقرب مخرجهما، والمعنى اني اعتصمت بربي وربكم الذي خلقني وخلقكم من كل متكبر على الله متجبر عن الانقياد له لا يصدق بالثواب والعقاب فلا يخاف.
وقوله " وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه " أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات " يعني الحجج الواضحة " من ربكم " قال السدي كان القائل ابن عم فرعون، فعلى هذا يكون قوله " ادخلوا آل فرعون أشد العذاب " (1) مخصصا، وقال غيره كان المؤمن إسرائيليا يكتم إيمانه عن آل فرعون، فعلى هذا يكون الوقف عند قوله (وقال رجل مؤمن) ويكون قوله (من آل فرعون) متعلقا بقوله (يكتم) أي يكتم إيمانه من آل فرعون.
والأول أظهر في أقوال المفسرين. وقال الحسن: كان المؤمن قبطيا. وقوله (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) معناه إن المؤمن قال لفرعون إن يك موسى كاذبا في ما يدعوكم إليه فوبال ذلك عليه وان يك صادقا في ما يدعيه يصيبكم بعض الذي يعدكم، قيل: انه كان يتوعدهم بأمور مختلفة، قال ذلك مظاهرة في الحجاج والمعنى انه يلقي بعضه. والمراد يصيبكم بعضه في الدنيا. وقيل: هو من لطيف الكلام، كما قال الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون مع المستعجل الزلل (2)

(١) آية ٤٦ من هذه السورة (٢) قائله عمر القطامي تفسير القرطبي ١٥ / 307
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست