قال الفراء: إنما جعلها نعتا للمعرفة وهي نكرة، لان المعنى ذي الغفران، وذي قبول التوبة كقوله " ذي الطول " وهو معرفة وإن جعلته بدلا كانت النكرة والمعرفة سواء، ومعنى " قابل التوب " إنه يقبل توبة من تاب إليه من المعاصي بأن يثيب عليها ويسقط عقاب معاصي ما تقدمها تفضلا منه، ولذلك كان صفة مدح، ولو كان سقوط العقاب عندها واجبا لما كان فيه مدح و (التوب) يحتمل وجهين:
أحدهما - أن يكون جمع توبة كدوم ودومة وعوم وعومة.
والثاني - أن يكون مصدر (تاب يتوب توبا).
وقوله " شديد العقاب " معناه شديد عقابه وذكر ذلك عقيب قوله " غافر الذنب " لأنه أراد لئلا يعول المكلف على العفو بل يخاف عقابه أيضا لأنه كما أنه يغفر لكونه غافرا فقد يعاقب لكونه شديد العقاب. وفرق بين شدة العقاب وتضاعف الآلام بان الخصلة الواحدة من الألم يكون أعظم من خصال كثيرة من ألم آخر كالألم في أجزاء كثيرة من قرض برغوث.
وقوله " ذي الطول " قال ابن عباس وقتادة: معناه ذي النعم. وقال ابن زيد: معناه ذي القدرة. وقال الحسن: ذي التفضل على المؤمنين. وقيل (الطول) الانعام الذي تطول مدته على صاحبه كما أن التفضل النفع الذي فيه افضال على صاحبه. ولو وقع النفع على خلاف هذا الوجه لم يكن تفضلا. ويقال:
لفلان على فلان طول أي فضل.
وقوله " لا إلا إلا هو " نفي منه تعالى أن يكون معبود على الحقيقة يستحق العبادة غيره تعالى. ثم قال " إليه المصير " ومعناه تؤل الأمور إلى حيث لا يملك أحد الأمر والنهي والضر والنفع غيره تعالى، وهو يوم القيامة، لان دار الدنيا