التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥١
نتخذ متبوءا أي مأوى حيث نشاء، وأصله الرجوع من قولهم: باء بكذا أي رجع به. ثم قال (فنعم اجر العاملين) يعني المقام في الجنة والتنعم فيها.
ثم قال تعالى (وترى الملائكة حافين من حول العرش) أي محدقين به - في قول قتادة والسدي - (يسبحون بحمد ربهم) أي ينزهون الله تعالى عما لا يليق به ويذكرونه بصفاته التي هو عليها. وقيل: تسبيحهم ذلك الوقت على سبيل التنعم والتلذذ ثوابا على أعمالهم لا على وجه التعبد، لأنه ليس هناك دار تكليف. وقيل: الوجه في ذلك تشبيه حال الآخرة بحال الدنيا، فان السلطان الأعظم إذا أراد الجلوس للمظالم والقضاء بين الخلق قعد على سريره واقام حشمه وجنده قدامه وحوله تعظيما لامره فلذلك عظم الله أمر القضاء في الآخرة بنصب العرش وقيام الملائكة حوله معظمين له تعالى مسبحين وإن لم يكن تعالى على العرش لان ذلك يستحيل عليه لكونه غير جسم، والجلوس على العرش من صفات الأجسام.
ثم قال تعالى (وقضي بينهم بالحق) أي فصل بين الخلائق بالحق لا ظلم فيه على أحد، وقيل (الحمد لله رب العالمين) اخبار منه تعالى أن جميع المؤمنين يقولون عند ذلك معترفين بأن المستحق للحمد والشكر الذي لا يساويه حمد ولا شكر (الله) الذي خلق العالمين ودبرها. وقيل لان الله خلق الأشياء الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، فلما أفنى الخلق ثم بعثهم واستقر أهل الجنة في الجنة ختم بقوله (الحمد لله رب العالمين).
(٥١)
مفاتيح البحث: الشكر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست