التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٣
(مقليد) كقولك: منديل ومناديل، ويقال في واحده أيضا (إقليد) وجمعه (أقاليد) وهو من التقليد، والمعنى له مفاتيح خزائن السماوات والأرض يفتح الرزق على من يشاء ويغلقه عمن يشاء. وقوله " والذين كفروا بآيات الله " يعني كفروا بآياته من مقاليد السماوات والأرض وغيرها وقوله " أولئك هم الخاسرون " يعني هؤلاء الذين كفروا بأدلة الله وحججه " هم الخاسرون "، لأنهم يخسرون الجنة ونعيمها ويحصلون في النار وسعيرها.
وقوله " قل أفغير الله تأمروني اعبد أيها الجاهلون " أمر للنبي صلى الله عليه وآله ان يقول لهؤلاء الكفار تأمروني أيها الكفار ان اعبد الأصنام من دون الله أيها الجاهلون بالله وبآياته؟! والعامل في قوله " أفغير " على أحد وجهين:
أحدهما - أن يكون " تأمروني " اعتراضا، فيكون التقدير: أفغير الله اعبد أيها الجاهلون في ما تأمروني.
الثاني - ان لا يكون اعتراضا ويكون تقديره: أتأمروني اعبد غير الله أيها الجاهلون في ما تأمروني فإذا جعلت " تأمروني " اعتراضا، فلا موضع لقوله " اعبد " من الاعراب، لأنه على تقدير اعبد أيها الجاهلون، وإذا لم تجعله اعتراضا يكون موضعه نصبا على الحال، وتقديره أتأمروني عابدا غير الله، فمخرجه مخرج الحال ومعناه ان اعبد، كما قال طرفة:
ألا ايهذا الزاجري احضر الوغا * وأن اشهد اللذات هل أنت مخلد (1) أي الزاجر أن احضر، وحذف (أن) ثم جعل الفعل على طريقة الحال.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله " ولقد أوحي إليك " يا محمد " وإلى الذين من قبلك " من الأنبياء والرسل " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين "

(1) مر في 1 - 327 و 8 - 243
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست