التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٣
قرأ أهل الكوفة إلا حفصا وابن ذكوان (حاميم) بإمالة الألف. الباقون بالفتح من غير إمالة وهما لغتان فصيحتان. وقال قوم (حم) موضعه نصب، وتقديره أتل (حم) اقرأ (حم) وقال آخرون: موضعه جر بالقسم. ومن جزم قال: لأنها حروف التهجي وهي لا يدخلها الاعراب، وقد فتح الميم عيسى ابن عمر، وجعله اسم السورة، فنصبه ولم ينون، لأنه على وزن (هابيل) ويجوز أن يكون فتح لالتقاء الساكنين. والقراء على تسكين الميم وهو الأجود لما بيناه.
وقد بينا اختلاف المفسرين وأهل العربية في مبادئ السور بحروف التهجي ومعناها، وأن أقوى ما قيل في ذلك انها أسماء للسور، وذكرناها في الأقوال، فلا نطول بإعادته.
وقال قتادة والحسن: (حم) اسم السورة. وقال شريح بن أوفى العبسي:
يذكرني (حم) والرمح شاهر * فهلا تلا (حم) قبل لتقدم وقال الكميت:
وجدنا لكم في آل حم آية * تأولها مناتقي ومعرب وقوله (تنزل الكتاب) أي هو تنزيل (من الله) أنزله على نبيه (العزيز) معناه القادر الذي لا يغالب ولا يقهر المنيع بقدرته على غيره ولا يقدر عليه غيره. وهذه الصفة لا تصح إلا لله تعالى واصل الصفة المنع من قولهم: عز كذا وكذا أي امتنع، وفلان عزيز أي منيع بسلطانه أو عشيرته أو قومه " والعليم " الكثير العلوم والعالم الذي له معلوم.
وقوله (غافر الذنب) جر بأنه صفة بعد صفة، ومعناه من شأنه غفران الذنب في ما مضى وفي ما يستقبل، فلذلك كان من صفة المعرفة (وقابل التواب)
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست