التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٨٧
المكرمين " قال الحسن: يعني المكرمين عند الله. وقيل: أكرمهم إبراهيم برفع مجالسهم في الاكرام والاعظام الذي يسر بالاحسان. والاجلال هو الاعظام بالاحسان، وكذلك يلزم اعظام الله وإجلاله في جميع صفاته، ولا يجوز مثل ذلك في الاكرام، ولكن الله يكرم أنبياءه والمؤمنين على طاعتهم.
وقوله " إذ دخلوا عليه " يعني حين دخلوا على إبراهيم " فقالوا " له " سلاما " على وجه التحية له أي اسلم سلاما " فقال " لهم جوابا عن ذلك " سلام " وقرئ سلم، فلما ارتاب عليه السلام بهم قال " قوم منكرون " أي أنتم قوم منكرون، والانكار بنفي صحة الامن ونقيضه الاقرار، ومثله الاعتراف. وإنما قال: منكرون، لأنه لم يكن يعرف مثلهم في أضيافه، وسماهم الله أضيافيا، لأنهم جاؤه في صفة الأضياف وعلى وجه مجيئهم. ومعنى (سلاما) أي اسلم سلاما، وقوله " قال سلام " أي سلام لنا. وقوله " فراغ إلى أهله " أي ذهب إليهم خفيا، فالروغ الذهاب في خفى، راغ يروغ روغا وروغانا، وراوغه مراوغة ورواغا، وأراغه على كذا إذا أراده عليه في خفى أنفا من رده. وقوله " فجاء بعجل سمين " فالعجل واحد البقر الصغير مأخوذ من تعجيل أمره بقرب ميلاده، وسمي عجولا وجمعه عجاجيل. وقال قتادة: كان عامة مال نبي الله إبراهيم عليه السلام البقر. والسمين الكثير الشحم على اللحم، سمن يسمن سمنا، وسمنه تسمينا وأسمنه إسمانا وتسمن تسمنا، ونقيض السمن الهزال. وقوله " فقربه إليهم " أي أدناه لهم وقدمه بين أيديهم وقال لهم: كلوه، فلما رآهم لا يأكلون عرض عليهم ف‍ " قال ألا تأكلون " وفي الكلام حذف، لان تقديره فقدمه إليهم فأمسكوا عن الاكل فقال ألا تأكلون فلما امتنعوا من الاكل " أوجس منهم خيفة " أي خاف منهم وظن أنهم يريدون به سوء، فالايجاس الاحساس بالشئ خفيا، أوجس يوجس إيجاسا وتوجس توجسا.
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست