هؤلاء الكفار الذين وصفهم بالجهل والغمرة: متى يوم الجزاء؟! على وجه الانكار لذلك لا على وجه الاستفادة لمعرفته، فأجيبوا بما يسوءهم من الحق الذي لا محالة انه نازل بهم فقيل (يوم هم على النار يفتنون) أي يحرقون بالنار ويعذبون فيها وأصل الفتنة تخليص الذهب باحراق الغش الذي فيه، فهؤلاء يفتنون بالاحراق كما يفتن الذهب. ومنه قوله (وفتناك فتونا) (1) أي أخلصناك للحق، ورجل مفتون بالمرأة أي مخلص بحبها، وهي صفة ذم، (وفتناهم) أي اختبرناهم بما يطلب به خلاصهم للحق. وقيل: يفتنون أي يحرقون، كما يفتن الذهب في النار - في قول مجاهد والضحاك - وقوله (يوم هم) يصلح أن يكون في موضع رفع، لأنك أضفته إلى شيئين، ويصلح فيه النصب على الظرف والبناء، وكله على جواب (أيان) وقوله (ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون) معناه انه يقال للكفار الذين يعذبون بها هذا الذي كنتم به تستعجلون في دار التكليف استبعادا له، فقد حصلتم الآن فيه وعرفتم صحته.
قوله تعالى:
(إن المتقين في جنات وعيون (15) آخذين ما آتيهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (16) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (17) وبالأسحار هم يستغفرون (18) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم (19) وفي الأرض آيات للموقنين (20) وفي أنفسكم أفلا تبصرون (21) وفي السماء رزقكم وما توعدون (22)