التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٩٢
وصواعق وصواقع، وقيل: هما لغتان.
قوله " وفي موسى " عطف على قوله " وتركنا فيها آية " فكأنه قال:
وتركنا في موسى آية حين أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين أي بحجة ظاهرة " فتولى بركنه " قال ابن عباس وقتادة ومجاهد: معناه بقوته. وقيل: معناه تولى بما كان يتقوى به من جنده وملكه. والركن الجانب الذي يعتمد عليه. والمعنى ان فرعون أعرض عن حجة موسى ولم ينظر فيها بقوته في نفسه " وقال ساحر " أي هو ساحر " أو مجنون " فالسحر حيلة توهم المعجزة بحال خفية. واصله خفاء الامر فمنه السحر الوقت الذي يخفى فيه الشخص. والسحر الرئة لخفاء سببها في الترويح عن القلب بها. والسحارة لخفاء السبب في تلون خيطها. والمجنون الذي أصابته جنة فذهب عقله. وقال الزجاج (أو) ههنا بمعنى الواو، والتقدير ساحر ومجنون. وقال غيره: في ذلك دلالة على عظم جهل فرعون، لان الساحر هو اللطيف الحيلة وذلك ينافي صفة المجنون المختلط العقل، فكيف يوسف شخص واحد بهاتين الصفتين فقال الله تعالى مخبرا عن نفسه " فأخذناه وجنوده فنبذناه " يعني إنا نبذنا فرعون وجنوده " في اليم " أي طرحناه في البحر كما يلقى الشئ في البر " وهو مليم " أي آت بما يلام عليه من الكفر والجحود والعتو والتجبر والتكبر واحد. والملوم الذي وقع به اللوم، والمليم الذي أتى بما يلام عليه.
وقوله " وفي عاد " عطف أيضا على قوله " وتركنا فيها " أي وتركنا في عاد أيضا آية أي دلالة فيها عظة " إذ أرسلنا " أي أطلقنا " عليهم الريح العقيم " وهي التي عقمت عن أن تأتي بخير من تنشئة سحاب أو تلقيح شجرة أو تذرية طعام أو نفع حيوان، فهي كالممنوعة من الولادة. وجمع الريح أرواح ورياح، ومنه راح الرجل إلى منزله أي رجع كالريح، والراحة قطع العمل المتعب. وقال ابن عباس:
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»
الفهرست