التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٨٤
بضروب الاحسان، ثم وصفهم فقال (كانوا) يعني المتقين الذين وعدهم بالجنات (قليلا من الليل ما يهجعون) في دار التكليف أي كان هجوعهم قليلا - في قول الزهري وإبراهيم - وقال الحسن: (ما) صلة وتقديره كانوا قليلا يهجعون، وقال قتادة: لا ينامون عن العتمة ينتظرونها لوقتها، كأنه قيل هجوعهم قليلا في جنب يقظتهم للصلاة والعبادة. وقال الضحاك: تقديره كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا، ثم ابتدأ فقال (من الليل ما يهجعون) وتكون (ما) بمعنى النفي والمعنى إنهم كانوا يحيون الليل بالقيام في الصلاة وقراءة القرآن وغير ذلك. ولا يجوز أن تكون (ما) جحدا لأنه لا يقدم عليها معمولها. والهجوع النوم - في قول قتادة وابن عباس وإبراهيم والضحاك (وبالاسحار هم يستغفرون) أي يطلبون من الله المغفرة والستر لذنوبهم في قول الحسن وابن زيد - وقال مجاهد: معناه يصلون في السحر.
وقوله (وفي أموالهم حق) وهو ما يلزمهم لزوم الديون من الزكوات وغير ذلك أو ما التزموه من مكارم الأخلاق، فهو الذي رغب الله فيه بقوله (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) فالسائل هو الذي يسأل الناس، والمحروم هو المحارف - في قول ابن عباس ومجاهد والضحاك - وقال قتادة والزهري: المحروم هو المتعفف الذي لا يسأل. وقال إبراهيم: المحروم الذي لا سهم له في الغنيمة. وقيل: المحروم الممنوع الرزق بترك السؤال أو إذهاب مال أو سقوط سهم أو خراب ضيعة إذا صار فقيرا من هذه الجهة. وقال الشعبي: أعياني أن أعلم ما المحروم. وفرق قوم بين الفقير والمحروم بأنه قد يحرمه الناس بترك الاعطاء، وقد يحرم نفسه بترك السؤال، فإذا سأل لا يكون ممن حرم نفسه بترك السؤال، وإنما حرمه الغير، وإذا لم يسأل فقد حرم نفسه وحرمه الناس.
وقوله (وفى الأرض آيات) أي دلالات واضحات وحجج نيرات (للموقنين)
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست