قوله تعالى:
(قال فما خطبكم أيها المرسلون (31) قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين (32) لنرسل عليهم حجارة من طين (33) مسومة عند ربك للمسرفين (34) فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين (35) فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين (36) وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم) (37) سبع آيات.
لما سمع إبراهيم عليه السلام بشرى الملائكة له بالغلام العليم، وعلم أنهم ليسوا ببشر ولا أضياف " قال " لهم " فما خطبكم أيها المرسلون " أي ما شأنكم. والخطب هو الامر الجليل، فكأنه قال قد بعثتم لامر جليل، فما هو؟ ومنه الخطبة، لأنها كلام بليغ لعقد أمر جليل تستفتح بالتحميد والتمجيد. والخطاب أجل من الابلاغ.
وقوله " أيها " لا يثنى ولا يجمع لأنه مبهم يقتضي البيان عنه ما بعده من غير أن يلزم ما قبله، كما يلزم (الذي وهذا) كقولك مررت بالرجلين هذين، فتبعه في تثنيته، كما تبعه في اعرابه.
فأجابته الملائكة فقالوا: إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين " عاصين لله كافرين لنعمه استحقوا العقاب والهلاك " لنرسل عليهم حجارة من طين مسمومة عند ربك للمسرفين " فالمسرف المكثر من المعاصي، وهو صفة ذم، لأنه خروج عن الحق.
ونقيض الاسراف الاقتار، وهو التقصير عن بلوغ الحق. وليس في الاكثار من طاعة الله سرف، ولا في نعمه اقتار، لأنه سائغ على مقتضى الحكمة، وإرسال الرسول إطلاقه بالامر إلى المصير إلى من أرسل إليه، فالملائكة أمروا بالمصير إلى