التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٨٦
ينطق، ولم يثبت له نطقا. والأول قد أثبته إلا أنه قال: أحق هو أم باطل، ذكره الفراء. ومعنى الآية أن هذا القرآن وأمر محمد صلى الله عليه وآله وما توعدون به من أرزاقكم حق ككلامكم، كقول القائل: إنه لحق مثل ما أنت ههنا أي كما أنت ههنا. وقال الفراء: وإنما جمع بين (ما) و (إن) مع أنه يكتفى بأحدهما، كما يجمع بين اللائي والذين، وأحدهما يجزي عن الآخر قال الشاعر:
من النفر اللائي والذين إذا هم * يهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا (1) فجمع بين اللائي والذين، ولو أفرده ب‍ (ما) لكان المنطق في نفسه حقا، ولم يرد ذلك، وإنما أراد أنه لحق كما حق أن الآدمي ناطق، ألا ترى ان قولك أحق منطقك معناه أحق هو أم كذب، وقولك أحق إنك تنطق معناه إن للانسان النطق لا لغيره، فأدخلت (أن) ليفرق بين المعنيين. قال وهذا أعجب الوجهين إلي قوله تعالى:
هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين (24) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون (25) فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين (26) فقربه إليهم قال ألا تأكلون (27) فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم (28) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم (29) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (30) سبع آيات.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " هل أتاك " يا محمد " حديث ضيف إبراهيم

(1) تفسير الطبري 26 / 113
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست