يا فلان، وكأن الناس يدعون فيقال لهم: يا معشر الناس قوموا إلى الموقف للجزاء والحساب، وقيل: ينادي المنادي من الصخرة التي في بيت المقدس، فلذلك قال (من مكان قريب) فيقول: يا أيها العظام البالية قومي لفصل القضاء وما أعد من الجزاء - في قول قتادة - (من مكان قريب) أي يسمع الخلق كلهم على حد واحد، فلا يخفى على أحد لا قريب ولا بعيد وقوله (يوم يسمعون الصيحة بالحق) فالصيحة المرة الواحدة من الصوت الشديد ونقيضها الخدة تقول صاح يصيح صياحا وصيحة، فهو صائح، وتصايح وتصايحوا في الامر تصايحا، وصيح تصييحا وصايحه مصايحة، وهذه الصيحة هي النفخة الثانية للحشر إلى أرض الموقف (ذلك يوم الخروج).
وقوله (إنا نحن نحيي ونميت والينا المصير) اخبار منه تعالى عن نفسه بأنه هو الذي يحيي الخلق بعد ان كانوا جمادا أمواتا. ثم يميتهم بعد أن كانوا أحياء ثم يحييهم يوم القيامة وإلى الله يصيرون ويرجعون يوم القيامة (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) أي الينا المصير في اليوم الذي تشقق الأرض عن الأموات (سراعا) أي بسرعة لا تأخير فيها ثم قال (ذلك حشر علينا يسير) أي سهل علينا غير شاق. والحشر الجمع بالسوق من كل جهة.
ثم قال (نحن اعلم بما يقولون) يعني هؤلاء الكفار من جحدهم نبوتك وإنكارهم البعث والنشور، لا يخفى علينا من أمرهم شئ (وما أنت عليهم) يا محمد (بجبار) قال الحسن: ما أنت عليهم برب تجازيهم بأعمالهم. وإنما أنا المجازي لهم. وقيل: وما أنت عليهم بفظ في دعائهم إلى توحيد الله وإخلاص عبادته.
والجبار العالي السلطان بأنه قادر على اذلال جميع العصاة بحسب الاستحقاق وهذه الصفة لا تصح إلا لله تعالى وحده، فان وصف بها الانسان كان ذما، لأنه جعل