التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٥
كان الساحر عندهم هو العالم ولم يكن صفة ذم. وقال الحسن: إنما قالوا ذلك على وجه الاستهزاء بموسى، كما قال المشركون (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون) (1) وقال الزجاج: وجه ذلك أنه جرى ذلك على ألسنتهم على عادتهم فيه قبل ذلك. وقال قوم: أرادوا يا أيها الفطن يا أيها العالم، لان السحر عندهم دقة النظر والعلم بالشئ كالسحر الحلال، يقال فلان: يسحر بكلامه.
وقال قوم: وخاطبوه بما تقدم تشبيها له بالساحر، فقالوا له (ادع لنا ربك بما عهد عندك) معناه أن يا موسى ادع لنا ربك ليكشف عنا العذاب - في قول مجاهد - فإنه متى كشف عنا ذلك اهتدينا ورجعنا إلى الحق الذي يدعونا إليه. وفى الكلام حذف لان تقديره فدعا موسى وسأل ربه وضرع إليه أن يكشف عنهم العذاب، فكشف الله عنهم ذلك فإذا هم عند ذلك ينكثون. ومعناه ينقضون ما عقدوا على أنفسهم. وقال قتادة: معناه يغدرون، وإنما أخبر الله تعالى وقص خبر موسى وما جرى له تسلية للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى إن حال موسى مع قومه وحالك مع قومك سواء، فاصبر إن أمرك يؤول إلى الاستعلاء، كما آل أمر موسى عليه السلام.
قوله تعالى:
(ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون (51) أم أنا خير من هذا الذي هو مهين * ولا يكاد يبين (52) فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين (53) فاستخف قومه

(1) سورة 15 الحجر آية 6
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست