التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٧
وقيل: هما لغتان.
لما حكى الله تعالى عن قوم فرعون أنه حين كشف العذاب عنهم نكثوا عهدهم وعادوا إلى ما كانوا عليه من الكفر، نادى فرعون في قومه الذين اتبعوه على دينه، وقال لهم " يا قوم " على وجه التقرير لهم " أليس لي ملك مصر " أتصرف فيها كما أشاء لا يمنعني أحد منه " وهذه الأنهار " كالنيل وغيرها " تجري من تحتي " أي من تحت أمري. وقيل: إنها كانت تجري تحت قصره، وهو مشرف عليها " أفلا تبصرون " أن ما ادعيه حق وأن ما يقوله موسى باطل. وقيل:
قوله " من تحتي " معناه إن النيل كانت تجري منه أنهار تحت قصره. وقيل (من تحتي) من بين يديه لارتفاع سريره. ثم قال لهم فرعون " أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين " وقال قوم: معنى (أم) بل. فكأنه قال: بل أنا خير من موسى، وقال قوم: مخرجها مخرج المنقطعة، وفيها معنى المعادلة لقوله " أفلا تبصرون " أم أنتم بصراء، لأنهم لو قالوا نعم لكان بمنزلة قولهم أنت خير.
والأصل في المعادلة على أي الحالين أنتم على حال البصر أم على حال خلافه. ولا يجوز أن يكون المعنى على أي الحالين أنتم على حال البصر أم حال غيرها في أني خير من هذا الذي هو مهين، وإنما المعادلة تفصيل ما أجمله. وقيل له - ههنا - بتقدير أنا خير من هذا الذي هو مهين أم هو إلا أنه ذكر ب‍ (أم) لاتصال الكلام بما قبله. وحكى الفراء (اما أنا) وهذا شاذ على أنه جيد المعنى. والمهين الضعيف - في قول قتادة والسدي - وقيل: معناه فقير. وقيل يمتهن نفسه في جميع ما يحتاج إليه ليس له من يكفيه، ولا يكاد يبين - وقال الزجاج للثة كانت في لسانه. وقال قتادة: كانت في لسانه آفة - وبه قال السدي. وقيل: إنه كان احترق لسانه بالجمر الذي وضعه في فيه حين أراد أن يعتبر فرعون عقله لما لطم وجهه، وأراد أن
(٢٠٧)
مفاتيح البحث: العذاب، العذب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست