التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢١٠
ان يضرب له مثلا إلا بالمسيح، فأنزل الله الآية.
وقوله " يصدون " بكسر الصاد وضمها لغتان. وقد قرئ بهما مثل يشد ويشد وينم وينم من النميمة. وقيل: معنى يصدون - بكسر الصاد - يضجون أي يضجون سرورا منهم بأنهم عبد وا الأوثان كما عبد النصارى المسيح ومن ضمها أراد يعرضون.
ثم حكى عن الكفار انهم قالوا آلهتنا خير أم هو؟! قال السدي: يعنون أم المسيح. وقال قتادة: يعنون أم محمد صلى الله عليه وآله وقيل: معنى سؤالهم آلهتنا خير أم هو؟ انهم ألزموا مالا يلزم على ظن منهم وتوهم، كأنهم قالوا: ومثلنا في ما نعبد مثل المسيح، فأيهما خير أعبادة آلهتنا أم عبادة المسيح، على أنه إن قال عبادة المسيح أقر بعبادة غير الله، وكذلك إن قال عبادة الأوثان. وإن قال ليس في عبادة المسيح خير، قصر به عن المنزلة التي ليست لاحد من سائر العباد. وجوابهم عن ذلك إن اختصاص المسيح بضرب من التشريف والانعام عليه لا يوجب العبادة له كما لا يوجب ذلك أنه قد أنعم على غيره النعمة. ووجه اتصال سؤالهم بما قبله انه معارضة لالهية الأوثان بإلهية المسيح كمعارضة إنشاء المسيح عن غير ذكر بانشاء آدم عليه السلام من غير ذكر. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله ما ضربوه يعني المسيح مثلا " إلا جدلا " أي خصومة لك ودفعا لك عن الحق، لان المجادلة لا تكون إلا وأحد المجادلين مبطلا. والمناظرة قد تكون بين المحقين، لأنه قد يعارض ليظهر له الحق.
ثم قال تعالى " بل هم قوم خصمون " أي جدلون في دفع الحق بالباطل.
ثم وصف المسيح عليه السلام فقال " إن هو الا عبد أنعمنا عليه " أي ليس هو سوى عبد خلقناه وأنعمنا عليه " وجعلناه مثلا لبني إسرائيل " قال السدي وقتاة:
يعني موعظة وعبرة لهم يعتبرون به ويتعظون به. ثم قال " ولو نشاء لجعلنا منكم
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست