وقال الشاعر:
أخذنا بآفاق السماء عليكم * لنا قمراها والنجوم طوالع (1) يعني الشمس والقمر، وقال المفضل: أراد النبي محمد وإبراهيم عليها السلام وقال الآخر:
وبصرة الأزد منا والعراق لنا * والموصلان ومنا مصر والحرم (2) يعني الموصل والجزيرة.
الثاني - انه أراد مشرق الشتاء ومشرق الصيف، كما قال (رب المشرقين ورب المغربين) (3) وإنما أراد (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) مسافة فلم أرك ولا اغتررت بك (فبئس القرين) كنت أنت، يقول لهذا الشيطان الذي أغواه، فقال الله تعالى (ولن ينفعكم اليوم) هذا الندم (إذ ظلمتم) نفوسكم بارتكاب المعاصي (إنكم في العذاب مشتركون) أي لأنكم في العذاب شركاء، فلذلك لا ينفعكم هذا القول. وقيل: إن المراد لا يسليكم عما أنتم فيه من أنواع العذاب أن أعداءكم شركاؤكم فيها لأنه قد يتسلى الانسان عن محنة يحصل فيها إذا رأى أن عدوه في مثلها فبين الله تعالى أن ذلك لا ينفعكم يوم القيامة ولا يسليكم عن العذاب ولا يخفف عنكم ذلك يوم القيامة.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (أفأنت) يا محمد (تسمع الصم أو تهدي العمي) شبه الكفار في عدم انتفاعهم بما يسمعونه من إنذار النبي صلى الله عليه وآله ووعظه بالصم الذين لا يسمعون، وفى عدم انتفاعهم بما يرونه بالعمي الذين لا يبصرون شيئا (ومن كان في ضلال) عن الحق (مبين) أي بين ظاهر لا شبهة فيه. ومن لا يطلب الحق ولا يجتهد فيه لسبقه إلى الباطل واغتباطه به، فهو الذي يمتنع هدايته ولا حيلة