التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٨
يأخذ غير النار فضرب جبرائيل يده إلى النار، فدفع عنه القتل، وقال الحسن:
كان في لسانه ثقل، فنسبه إلى ما كان عليه أولا.
وقوله " فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب " معناه هلا إن كان صادقا في نبوته طرح عليه أساورة من ذهب. فمن قرأ (أساورة) بألف أراد جمع أسورة وأسورة جمع سوار وهو الذي يلبس في اليد. وأما أسوار، فهو الرامي الحاذق بالرمي، ويقال أسوار - بالضم - ومن جعله جمع أسورة أراد أسلوير، فجعل الهاء عوضا عن الياء. مثل الزنادقة، فلذلك صرفه، لأنه صار له نظير في الآحاد.
ومثله في الجمع الزنادقة. والأسورة الرجل الرامي الحاذق بالرمي من رجال العجم.
وقوله " أو جاء معه الملائكة مقترنين " قال قتادة ومعناه متتابعين، وقال السدي معناه يقارن بعضهم بعضا. وقيل معناه متعاضدين متناصرين كل واحد مع صاحبه مماليا له على أمره. وقال مجاهد: معناه مقترنين يمشون معه.
وقوله " فاستخف قومه " يعني فرعون استخف عقول قومه، فأطاعوه في ما دعاهم إليه، لأنه احتج عليهم بما ليس بدليل، وهو قوله " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي " ولو عقلوا وفكروا لقالوا ليس في ملك الانسان ما يدل على أنه محق لكون ملوك كثيرة يخالفونك مبطلين عندك، وليس يجب ان يأتي مع الرسل ملائكة، لان الذي يدل على صدق الجميع المعجز دون غيره.
ثم اخبر الله تعالى عنهم بأنهم كانوا قوما فاسقين خارجين عن طاعة الله إلى معصيته. ثم قال " فلما أسفونا انتقمنا منهم " قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد: معنى أسفونا أغضبونا، لان الله تعالى يغضب على العصاة بمعنى يريد عقابهم، ويرضى عن المطيعين بأن يريد ثوابهم بما يستحقونه من طاعاتهم ومعاصيهم كما يستحقون المدح والذم. وقيل الأسف هو الغيظ من المغتم إلا أنه - ههنا - بمعنى
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست