حكى الله تعالى عن الكفار انهم يقول بعضهم لبعض (لا تسمعوا لهذا القرآن) الذي يقرؤه محمد صلى الله عليه وآله ولا تصغوا إليه (والغوا فيه) لكي تغلبوه، ويجوز ان تغلبوه فاللغو هو الكلام الذي لا معنى له يستفاد، وإلغاء الكلمة إسقاط عملها، ويقال: لغا يلغو لغوا، ولغا، قال الراجز:
عن اللغا ورفث التكلم (1) وإذا كانت جملة الكلام لغوا لا فائدة فيه لم يحسن وإذا كان تأكيدا لمعنى تقدم - وإن لم يكن له معنى في نفسه مفرد - حسن لأنه يجري مجرى المتمم للكلمة التي تدل معها على المعنى، وإن لم يكن له معنى في نفسه. وقال مجاهد: قالوا خلطوا عليهم القول بالمكاء والصفير، وقال غيره: هو الضجيج والصياح، وأقسم تعالى فقال (فلنذيقن الذين كفروا) بالله وجحدوا آياته (عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون) قيل: معناه أسوأ الذي كانوا يعملون من المعاصي من جملة ما كانوا يعملون دون غيرها مما لا يستحق به العقاب. وقال قوم: خص بذلك الكبائر - زجرا وتغليظا - بعينها. واقتصر في الصغير على الجملة في الوعيد. ثم قال (ذلك) يعني ما تقدم الوعيد به (جزاء أعداء الله) الذين عادوه بالعصيان وكفروا به، وعادوا أولياءه: من الأنبياء والمؤمنين وهي (النار) والكون فيها. ف (النار) رفع بأنه بدل من قوله (ذلك) جزاؤهم وهو دخولهم فيها (لهم فيها دار الخلد) أي منزل دوام وتأييد (جزاء) لهم وعقوبة على كفرهم به تعالى في الدنيا وجحدهم لآياته. قال الفراء: هو كقولهم: لأهل الكوفة فيها دار صالحة، والدار هي الكوفة، وحسن ذلك لما اختلف لفظاهما، فكذلك قوله (ذلك جزاء أعداء الله النار) ثم قال (لهم فيها دار الخلد) وهي النار بعينها.