وقوله (ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم) يعني ما تشتهونه وتتمنونه من المنافع ما تدعي انه لك فهو لك بحكم الله لك بذلك. وقوله (نزلا من غفور رحيم) تقديره أنزلكم ربكم في ما تشتهون من النعمة نزلا. فيكون نصبا على المصدر. ويجوز أن يكون نصبا على الحال، وتقديره: لكم فيها ما تشتهي أنفسكم منزلا كما تقول: جاء زيد مشيا تريد ماشيا. وقال الحسن (نزلا من غفور رحيم) ليس منا. وقيل: معناه إن هذا الموعود به مع جلالته في نفسه له جلالة لمعطيه بعد ان غفر الذنب حتى صار بمنزلة ما لم يكن رحمة منه لعباده فهو أهنأ لك واكمل للسرور به.
وقوله " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين " صورته صورة الاستفهام، ونصب " قولا " على التفسير، ومعناه النفي وتقديره وليس أحد أحسن قولا ممن دعا إلى طاعة الله وأضاف إلى ذلك أن يعمل الاعمال الصالحات، ويقول مع ذلك إنني من المسلمين الذين استسلموا لامر الله وانقادوا إلى طاعته. وقيل: المعني بالآية النبي صلى الله عليه وآله لأنه الداعي إلى الله.
وروي أنها نزلت في المؤذنين. وفى الآية دلالة على من يقول: أنا مسلم إن شاء الله من أصحاب عبد الله بن مسعود، لأنه لا أحد أحسن قوله منه، فيجب عليه أن يقول: إني مسلم ويقطع في الحكم إذا لم يكن فاسقا.
ثم قال " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة " أي لا يتماثلان، ودخلت (لا) في " ولا السيئة " تأكيدا. وقيل: دخلت لتحقيق انه لا يساوي ذا ذاك، ولا ذاك ذا، فهو تبعيد المساواة.
وقوله " أدفع بالتي هي أحسن " أمر للنبي صلى الله عليه وآله ان يدفع بالتي هي أحسن