التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١١٨
وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين) (25) خمس آيات بلا خلاف.
هذا حكاية من الله من الكفار في الآخرة بعد ما شهدت عليهم أبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون من المعاصي في دار الدنيا أنهم يقولون (لجلودهم لم شهدتم علينا) منكرين عليهم إقامة تلك الشهادة. وقيل: اشتقاق الجلد من التقوية من قولهم: فلان يتجلد على كذا، وهو جلد أي قوي، فتقول جلودهم في الجواب عن ذلك (أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ) فالانطاق جعل القادر على الكلام ينطق إما بالالجاء إلى النطق أو الدعاء إليه. فهؤلاء يلجئهم الله إلى أن ينطقوا بالشهادة. والنطق إدارة اللسان في الفم بالكلام، ولذلك لا يوصف تعالى بأنه ناطق، وإن وصف بأنه متكلم. ومعنى (أنطق كل شئ) أي كل شئ لا يمتنع منه النطق كالاعراض والموات، والفائدة في الاخبار عنهم بذلك التحذير من مثل حالهم في ما ينزل بهم من الفضيحة بشهادة جوارحهم عليهم بما كانوا يعملون من الفواحش. فلم يكن عندهم في ذلك أكثر من هذا القول الذي لا ينفعهم وقال قوم: إن الجوارح تشهد عليهم حين يجحدون ما كان منهم.
وقوله (وهو خلقكم أول مرة) اخبار منه تعالى وخطاب لخلقه بأنه الذي حلقهم في الابتداء (واليه ترجعون) في الآخرة إلى حيث لا يملك أحد النهي والامر سواه.
وقوله (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم) قال مجاهد (وما كنتم تستترون) أي تتقون. وقال السدي: معناه لم تكونوا في دار الدنيا تستخفون عن معاصي الله بتركها. وقيل: إن الآية نزلت في ثلاثة
(١١٨)
مفاتيح البحث: الشهادة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست