التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٢٦
وقيل: معنى الحسنة - ههنا - المداراة. والسيئة المراد بها الغلظة. فأدب الله تعالى عباده بهذا الأدب. ثم قال " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " معناه دار القوم ولا تغلظ عليهم حتى كأن عدوك الذي يعاديك في الدين بصورة وليك من حسن عشرتك له وبشرك له. ويدعو ذلك أيضا عدوك إلى أن يصير لك كالولي الحميم. وقيل: المراد ان من أساء إليك فأحسن إليه ليعود عدوك وليك. وكأنه حميمك. والحميم القريب الذي يحم لغضب صاحبه.
وقوله " وما يلقاها إلا الذين صبروا " معناه ما يعطى هذه الخصلة في رفع السيئة بالحسنة إلا ذو نصيب في الخير عظيم. وقيل: معناه وما يلقاها يعني البشرى بالجنة والأمان من العذاب إلا الذين صبروا على طاعة الله والجهاد في دينه " وما يلقاها " أيضا " إلا ذو حظ عظيم " من الثواب والخير وقد لقي الله تعالى جميع الخلق مثل ما لقي من صبر، غير أن فيهم من لم يتلقه كما يتلقاه من صبروا وقبلوا ما أمرهم الله به.
قوله تعالى:
(وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم (36) ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون (37) فان استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسئمون (38) ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست