التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٣٣
مخبرين. ومن قرأ على الاستفهام أراد انهم يقولون ذلك على وجه الانكار، وإنما قوبل الأعجمي في الآية بالعربي، وخلاف العربي العجمي لان الأعجمي في أنه لا يبين مثل العجمي عندهم من حيث اجتمعا في أنهما لا يبينان، قوبل به العربي في قوله " أعجمي وعربي " وحكى ان الحسن قرأ " أعجمي " بفتح العين قابل بينه وبين قوله " وعربي " فقال الله تعالى لنبيه " قل " لهم يا محمد " هو " يعني القرآن " للذين آمنوا " بالله وصدقوا بتوحيده وأقروا بنبوة نبيه " هدى " يهتدون به " وشفاء " من سقم الجهل " والذين لا يؤمنون " بالله ولا يصدقون بتوحيده " في آذانهم وقر " يعني ثقل إذ هم بمنزلة ذلك من حيث لم ينتفعوا بالقرآن فكأنهم صم أو في آذانهم ثقل " وهو عليهم عمى " حيث ضلوا عنه وجاروا عن تدبيره فكأنه عمى لهم. وقوله " أولئك ينادون من مكان بعيد " على وجه المثل، فكأنهم الذين ينادون من مكان بعيد ويسمعوا الصوت ولا يفهموا المعنى من حيث لم ينتفعوا به. وقال مجاهد: لبعده عن قلوبهم. وقال الضحاك: ينادون الرجل في الآخرة كبأشنع أسمائه، وقيل: معناه أولئك لا يفهمون ذلك كما يقال لمن لا يفهم شيئا:
كأنك تنادى من مكان بعيد.
ثم اقسم تعالى بأنه آتى " موسى الكتاب " يعني التوراة " فاختلف فيه " لأنه آمن به قوم وجحدوه آخرون، تسلية للنبي صلى الله عليه وآله عن جحود قومه وإنكارهم نبوته. ثم قال " ولولا كلمة سبقت من ربك " في أنه لا يعاجلهم بالعقوبة وانه يؤخرهم إلى يوم القيامة " لقضي بينهم " أي لفصل بينهم بما يجب من الحكم.
ثم اخبر عنهم فقال: وإنهم لفي شك منه " يعني مما ذكرناه " مريب " يعني أقبح الشك لان الريب أفظع الشك. وفى ذلك دلالة على جواز الخطأ على أصحاب المعارف لأنه تعالى بين انهم في شك وانهم يؤاخذون مع ذلك.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست