الذي يحتاج إليه ليختار عنده الايمان، وذلك لا يقدر عليه غير الله لأنه إما أن يكون من فعله خاصة أو باعلامه، لأنه لا يعلم، ما يصلح العبد في دينه إلا الله تعالى، فإذا دبر الأمور على ما فيه صلاحه كان لاطفا له، وهذا التدبير لا يتأتى من أحد سوى الله تعالى، فلذلك نفى الله ذلك عن نبيه، ويؤيد ما قلناه قوله " وهو أعلم بالمهتدين " ومعناه هو أعلم بمن يهتدي باللطف ممن لا يهتدي، فهو تعالى يدبر الأمور على ما يعلم من صلاح العباد، على التفصيل من غير تعليم.
وهذه الآية نزلت لان النبي صلى الله عليه وآله كان يحرص على إيمان قومه ويؤثر أن يؤمنوا كلهم، ويجب أن ينقادوا له ويقروا بنبوته، وخاصة أقاربه. فقال الله تعالى له: إنك لا تقدر على ذلك، وليس في مقدورك ما تلطف بهم في الايمان ذلك بل في مقدور الله يفعله بمن يشاء إذا علم أنهم يهتدون عند شئ فعله بهم فلا ينفع حرصك على ذلك. وروي عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغيرهم أنها نزلت في أبي طالب. وعن أبي عبد الله وأبي جعفر إن أبا طالب كان مسلما وعليه اجماع الامامية، لا يختلفون فيه، ولهم على ذلك أدلة قاطعة موجبة للعلم ليس هذا موضع ذكرها.
ثم قال تعالى حاكيا عن الكفار انهم قالوا: إن نتبع محمدا وما يدعونا إليه ونقول انه هدى وموصل إلى الحق " نتخطف من ارضنا " وقيل: انها نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف، فإنه قال للنبي صلى الله عليه وآله انا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الذي معك، ونؤمن بك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا يعني مكة، ولا طاقة لنا بالعرب فقال الله تعالى * (أو لم نمكن لهم حرما آمنا) * فالتخطف اخذ الشئ على الاستلاب من كل وجه: تخطف تخطفا واختطف اختطافا وخطفه ويخطفه خطفا قال امرؤ القيس: