التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٥٩
معنى الكلام الامتنان عليهم بالامهال حتى يتذكروا ما أتى به الرسول صلى الله عليه وآله.
وقال قوم جواب (لولا) * (أرسلت الينا رسولا) *.
وفي الآية دلالة على وجوب فعل اللطف، لأنه لو لم يكن فعله واجبا لم يكن للآية معنى صحيح. ثم اخبر تعالى انه * (فلما جاءهم) * يعني الكفار * (الحق من عندنا) * من عند الله من القرآن والأدلة الدالة على توحيده * (قالوا) * عند ذلك: هلا أوتى محمد من المعجزات * (مثل ما أوتي موسى) * من قبل: من فلق البحر وقلب العصا حية وغير ذلك. فقال الله تعالى * (أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل) * قال الجبائي معنى * (أولم يكفروا) * اي أولم يكفر من كان في عصر موسى وهارون، ونسبوهما إلى السحر ف‍ * (قالوا ساحران تظاهرا) * اي موسى ومحمد - في قول ابن عباس، وفي قول مجاهد: موسى وهارون. ومن قرأ (سحران) أراد التوراة والقرآن أو التوراة والإنجيل أو الإنجيل والقرآن. على ما حكيناه بخلاف فيه وأنهم قالوا مع ذلك * (انا بكل كافرون) * اي بكل ما امر به، وذكر انه من عند الله. ويحتمل أن يكون المراد بموسى وهارون. وقال الحسن: المعني بقوله * (إنا بكل كافرون) * مشركوا العرب الذين كفروا بالتوراة والإنجيل والقرآن.
ثم امر تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول لكفار قومه * (فأتوا بكتاب من عند الله هو اهدى منهما) * يعني من كتاب موسى وكتاب محمد - في قول ابن زيد - " اتبعه ان كنتم صادقين " فيما تدعونه، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله " فإن لم يستجيبوا لك " مع ظهور الحق " فاعلم إنما يتبعون أهواءهم " أي ما تميل طباعهم إليه، لان الهوى ميل الطبع إلى المشتهى. وما عمل على أنه حسن للهوى فلا يجوز أن يكون طاعة لكنه أبيح أن يفعله على هذا الوجه، كما أبيح أن
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست